بايدن ـ نتنياهو.. الغباء كما ينبغي أن يكون
يقيني أن حكومة الكيان الصهيوني المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو، ومعها الإدارة الأمريكية الحالية بزعامة جو بايدن، تتمتعان بغباء منقطع النظير، بعد أن نجحتا بامتياز من خلال مجازرهم اللا إنسانية في غزة ولبنان، في فرض ثلاث حقائق، يصعب تحديد أي منها الأكثر أهمية عن الأخرى.
أولى تلك الحقائق، أنهما بإفتقاد الحكمة، قد نجحا في إعادة القضية الفلسطينية لواجهة الأحداث وفرضها على العالم بقوة، وبل تحويلها لتنال قدر من التعاطف الرسمي والشعبي لم يحدث من قبل، بدليل التظاهرات التي شهدتها أغلب دول العالم تعاطفًا مع الفلسطينيين، والتي وصلت إلى قلب الداخل الأمريكي ودول أوروبية اختلفت مواقفها الرسمية عن الشعبية بشكل فاضح.
وهي الحقيقة التي تؤكد وبقوة، أنه حتى لو تم وقف قريب لإطلاق النار، فلن تستطيع إسرائيل أن تفرض كلمتها على الفلسطينيين، وسيظل ضرورة إيجاد حل جذري ونهائي لقضيتهم مطروحًا على صدارة الأجندة الدولية، وسيدفع الإسرائيليين في النهاية إلى الخضوع والجلوس لطاولة المفاوضات.
ولعل ما يعزز تلك الفرضية، أن تكرار كابوس السابع من أكتوبر سيظل يؤرق كل الساسة الحاليين والقادمين في واشنطن وتل أبيب، طالما ظلوا على موقفهم الرافض والمتعنت من القضية الفلسطينية، وستظل فصائل المقاومة في الداخل، تسير على ذات نهج المقاومة وحرب الاستنزاف، وتكبيد الكيان الصهيوني خسائر مادية وبشرية يعجز عن الإفصاح عن حقيقتها أمام الرأي العام الإسرائيلي.
أما ثاني تلك الحقائق، فإن الممارسات اللاإنسانية التي ارتكبها نتنياهو بمساندة صريحة من بايدن، قد نسفت وبنحاح، كل الضغوط الأمريكية القديمة والحديثة لفرض تطبيع إجباري على الدول العربية مع إسرائيل، لا سيما بعد أن فرضت المجازر على الدول العربية التي أقدمت على التطبيع بشكل مُعلن أو حتى سري، مراجعة مواقفها، ووقف أي اتصالات مع دولة الكيان، بل وربطت دول عربية أخرى كانت في طريقها للتطبيع تلك الخطوة، بضرورة استسلام إسرائيل لحل الدولتين.
ليس هذا فحسب، بل عمقت الأحداث الدامية بفعل غباء بايدين - نتنياهو من الموقف الشعبي العربي الرافض للتطبيع مع إسرائيل، بشكل سيصعب على كل الإدارات الأمريكية القادمة بما فيها إدارة ترامب، من العودة للضغط وفرض تطبيع مجاني على أي من الدول العربية أمام الموقف الشعبي الرافض، على عكس ما حدث في الماضي.
وثالث تلك الحقائق، أن جرم بايدين - نتنياهو الذي خلف حتى الآن ما يقرب من الـ50 ألف شهيد، قد أيقظ الشعور العربي التاريخي المعادي لدولة الكيان الصهيوني من جديد، بل ورسخ لهذا الكره وبقوة لدى الأجيال العربية الجديدة، وامتد ليشمل أغلب دول العالم.
وليس هناك أدل على ذلك مما يلقاه الإسرائيليون من رفض شعبي علني لتواجدهم بداخل أغلب دول العالم، وهو ما بدا واضحا من عشرات المواقف التي ينقلها الإعلام بشكل يومي، وآخرها ما تعرضت له الجماهير الإسرائيلية في هولندا، عقب المباراة التي جمعت فريق مكابى تل أبيب مع فريق أياكس أمستردام.
وهي الأحداث التي دفعت نتنياهو لإرسال طائرات لإجلاء الجماهير الإسرائيلية من هولندا، وثم خروج مجلس الأمن القومي لدولة الكيان ببيان طالب فيه الإسرائيليين بتجنب حضور أي فعاليات رياضية أو ثقافية خارج إسرائيل.
الثابت أن غباء بايدن - نتنياهو قد أعاد الحياة للقضية الفلسطينية من جديد، وأوقف سيناريو التطبيع الإجباري الذي مارسته الإدارات الأمريكية المتعاقبة على العرب، وأيقظ المشاعر العربية المعادية للكيان الصهيوني، الذي سيظل العدو التاريخي الأول والأبدي للعرب، وإن كره الأمريكان.. وكفى.