لنهدينهم سبلنا
جعل الله تعالى للهداية إلى طريقه سبحانه والسبيل الموصل إليها مفتاح هو المجاهدة في سبيله سبحانه، حيث يقول عز وجل: “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”، أي الطرق الموصلة إلى مرضاته ورضوانه والوصل والاتصال به سبحانه وتعالى..
والسبل جمع كلمة سبيل وهي الطرق المؤدية إليه سبحانه، والتي هي الأصل فيها الصراط المستقيم، وكلمة سبلنا جمع لكلمة السبيل إشارة إلى تعدد وتنوع الطرق الهادية إلى طريق الله تعالى فما أكثرها، منها إقامة أركان الدين والمحافظة عليها، ومنها الاشتغال بطاعة الله تعالى وذكره..
ومنها الكرم والجود والسخاء، ومنها حسن الخلق، ومنها الصبر على البلاء والرضا بالقضاء والشكر على النعم، ومنها العفو والحلم ومقابلة السيئة بالحسنة، ومنها التواضع لله تعالى وطيب معاملة الخلق، وغير ذلك الكثير والكثير ولعلها هي تلك الشعب الإيمانية التي أشار إليها الرسول الكريم بقوله "الإيمان بضع وسبعين شعبة، وفي حديث آخر بضع وستون شعبة أعلاها 'لا إله إلا الله' وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"..
هذا ولا شك أن أعظم الجهاد والأصل في كل المجاهدات هو جهاد النفس ومخالفة هواها وتهذيب شهواتها وإسقاط الأنا العالقة بها والتي هي محل الحجاب عن الله تعالى وموطن الأمراض والآفات الكامنة فيها والتي منها الكبر والغرور والأنانية والعجب والتجبر والغرور والتعالي والحرص والبخل والشح والحسد والغيرة والحقد والجشع والطمع وغير ذلك من الصفات المجموعة في النفس المريضة الأمارة بالسوء.
هذا ومن المعلوم أن الأصل في كل هذه الأمراض والعلل حب الدنيا، الحديث "حب الدنيا رأس كل خطيئة"، ولا يجتمع حبان في قلب العبد، حب الله وحب الدنيا" هذا وجهاد النفس كما أشار النبي الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام هو الجهاد الأكبر والذي يتجلى من خلاله صدق العبد في سعيه لتزكية نفسه.