رئيس التحرير
عصام كامل

ساخرون، حكاوى زمان.. أحمد رجب يكتب: عبدالوهاب يفكر في اللى ناسيه على رصيف إسكندرية

حكاوى زمان، فيتو
حكاوى زمان، فيتو

في كتابه "أي كلام" كتب الصحفى الساخر أحمد رجب جزء من ذكرياته مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب فقال فيها:

الموسيقار الإمبراطور محمد عبد الوهاب يمكنه أن يصنع ألحانه الساحرة وسط الناس جميعا، دون أن يشعر أحد أنه مشغول بالصنعة، وبينما كان مشغولا بتلحين أغنية "قالولى هان الود عليك"، وهو يجلس في لوبى فندق هيلتون تقدمت منه إحدى السيدات تصافحه وتعرفه بنفسها قائلة: أنا خديجة هانم أخت زينات رمزى، فقال لها بترحاب: إزيك يا خديجة وإزاى المرحومة زينات هانم التي كانت على قيد الحياة محاولا إنهاء المقابلة.

 

وذات صيف كنت أجلس مع عبد الوهاب في شرفة منزله المطل على شاطئ الإسكندرية، عندما أقترح أن نذهب إلى قصر المنتزه، لأنه يريد أن يتجول في غاباته الهادئة وقت الغروب.

وذهبنا إلى المنتزه وفى الغابة الجميلة التي لم يعد لها وجود الآن سرت إلى جوار عبد الوهاب، وقد إنشغل تماما عن الحديث معى بتلحين أغنية (بافكر في اللى ناسينى وأنسى اللى فاكرنى.. وأفكر فى اللى بايعنى وأنسى اللى شارينى) من كلمات لشاعرنا الرقيق حسين السيد.

 

شيئا فشيئا علا صوته باللحن وقال: وأدور على جرحى.. وصاحب الجرح مش فاكر، وأقول يا عينى ليه تبكى.. ما دام الليل مالوش آخر.. المهم تسلطن موسيقارنا الكبير وانطلق بصوته، وكأنه يغنى في حفلة عامة. وراح يبدع في ترديدها بأشكال مختلفة، ثم فجأة قال لى تعالى نجيب العود من العربية.

 

وعلى الرصيف جلست إلى جواره وهو يحتضن العود ويردد:

عذاب الجرح يحرمنى من الدنيا اللى أنا فيها

وطول الليل يرجعنى لدنيا كنت ناسيها

اهجر حبايبى وخلانى..وانسى قلوب عايشة عشانى

 

وأروح ادور على ماضى..كان لى فيهم حب زمان

اشرب لوحدى كاس فاضى..دايما بافكر فيه مليان

حبيب القلب يانسينى..بافكر قلبى بعذابك

 

 

أعترف بأنى لم أستمتع بالموسيقار الفنان العظيم مثلما استمتعت به في تلك الليلة، وتلك الأمسية الرائعة التي أقيمت على الرصيف، ولم يقطع متعتى إلا سائح أوروبي تقدم منا ونحن على الرصيف ودس في يدى شلنا لأنه افتكرنا شحاتين.

الجريدة الرسمية