ساخرون، حكاوي زمان.. أنيس منصور متعجبًا من غلاء أسعار الأسماك: كيف لا يكون الكيلو بقرش صاغ!
في جريدة الأهرام عام 1982 في عموده اليومي “مواقف” كتب الكاتب الصحفي أنيس منصور مقالا يتعجب فيه من غلاء أسعار السمك في الوقت الذي تتمتع فيه مصر بمساحات شاسعة من المياه.
قال أنيس منصور في مقاله: “إنني لم أجد عذرا جاهزا لكل من ينظر إلى نهر النيل العظيم، والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر وبحيرة السد العالي، والبحيرات في شمال الدلتا، ثم يندهش كيف لا يكون كيلو السمك في مصر بقرش صاغ واحد مثلا”.
فهذه المساحات الهائلة من الماء كيف لا تكون مثل ملايين من حقول الأرز والقمح المزروعة - زمان - تكفي لإطعام المصريين وتصدير ما يفيض عن حاجتهم إلى الخارج؟ أما الماء فهو كما ترى كثر بحار وأنهار وبحيرات، وأما الأسماك فهي كما ترى كثيرة، وأما الصيادون فهم يتسلطون على الماء وما تحت الماء.
وأما الدولة فهي التي غابت عن الشواطئ والتي لم تظهر في حلقات السمك.. لماذا ؟ وأين تذهب الأسماك؟ أسماك بحيرة السد تبقى في البحيرة لأن الصيادين غير قادرين على نقلها إلى الشاطئ، والذي ينقلونه يكفى لأهل أسوان.
أما بقية الأسماك فيتركونها تكبر وتتوحش في البحيرة لأن أحدا لا ينقلها إلى القاهرة والعواصم الأخرى، ولكى ينقلها لا بد من ثلاجة ملحقة بقطار أو بطائرة.. وهو ما لا يستطيعه أحد إلا الدولة أو الشركات الأخرى.
وفي بورسعيد والسويس أسلوب آخر في الصيد، فالصيادون يرتكبون جريمة لا تقل عن ذبح الإناث في الأبقار والجواميس، فهم يصيدون الأسماك الصغيرة جدا، أي أنهم لا يتركونها حتى تكبر وتصبح صالحة للأكل.. إنهم يقضون عليها في مهدها.
أما بحيرات شمال الدلتا وبحيرة البردويل التى أعيدت إلى مصر فلسبب لا نعرفه تعطل الصيد أو توقف ولم نعد نرى أسماكها.. هل ماتت الأسماك؟ هل جفت المياه؟ هل مات الصيادون؟ وكل ما يخطر على بالك من تساؤلات واستفسارات قد قيلت قبل ذلك.
ويبقى الحال على ما هو عليه لماذا؟ لا أنت تعرف ولا أنا، ولكن من الضروري أن نعرف لماذا تكبر الأسماك جدا في أسوان ولا تكاد تنمو في السويس، ثم لا تظهر في البردويل.
لو كانت مصر دولة آسيوية لوجد أهلها حلا بسيطا وهو الحل الوحيد أن يتولى كل إنسان صيد ما يحتاج إليه من أسماك من الترع أو الأنهار أو البحار.