رئيس التحرير
عصام كامل

ساخرون، حكاوي زمان.. إحسان عبد القدوس يكتب: هذه عقلية أصحاب تبويظ الزفة

حكاوى زمان، فيتو
حكاوى زمان، فيتو

عاب بعض أعداء ثورة يوليو 1952 الاحتفال بعيد الثورة رغم مرور سنوات طويلة على قيامها، بل يرى البعض أن الاحتفال بأعياد ثورة يوليو وإقامة الزينات وأقواس النصر يكلف الدولة أعباء كثيرة نحن فى غنى عنها، وكان الأجدى أن يصرف عائدها على مشروعاتنا الحيوية، وفي مجلة روزاليوسف فى شهر يوليو 1959 رد عليهم الكاتب الصحفى إحسان عبد القدوس يقول:

هذه هى عقلية تبويظ الزفة، عقلية الرجل الذى يجد كلوبًا مضاء فيحطمه لا لشيء إلا أنه مضاء، عقلية الرجل الذى يلمح زفة عروس فيتدخل فيها وينهال على رءوس المعازيم بالنبوت لا لشيء إلا لأنهم ناس يبدو عليهم الفرح وهو يريد أن يثبت لهم أنه يستطيع أن يغتصب منهم فرحهم ويحوله إلى مآتم..

إن الاحتفال بعيد الثورة هو فرح، ويجب أن تكون له مظاهر الفرح وأن تقام الزينات وتضاء الأنوار تماما كما تفعل يوم زفافك أو يوم عيد ميلادك، والناس في حاجة إلى هذه الظاهرة لإشاعة روح الفرح للتخفيف من ثقل الحياة عليهم، الناس في كل أنحاء العالم تقيم الزينات والاحتفالات وتطلق الصواريخ في أعيادها القومية لو تماشينا مع عقلية إلغاء الزينات توفيرًا للجهد والمال لانتهينا إلى إلغاء أيام الإجازات التى تمنح فى هذه المناسبات.

لأن الإجازة ضياع ليوم نستطيع أن تنتج فيه، ولألغينا استعراض الجيش لنوفر ثمن الوقود الذى تستهلكه الدبابات والسيارات، ولألغينا الحدائق والنافورات لتوفير المياه ونبوظ الزفة ونخليها ضلمة، المهم هو أن تعبر هذه الزينات والاحتفالات عن فرح حقيقى يحس به الناس أن تعبر عن فرحنا بعام انتصرنا فيه.

والعريس لن يفرح مهما أقيمت حوله الزينات إذا لم يكن مؤمنًا بعروسه ويحبها، وكنا أيام الملك السابق نسرف في الاحتفالات، ورغم ذلك لم يكن الشعب يفرح، المهم ألا نبالغ في هذه الزينات بحيث تتعدى الهدف منها، وأعتقد أننا لم نبالغ في احتفالاتها ولا تتحمل الاحتفالات عبئًا أكبر من طاقتها، وليست الشركات وحدها هى المستفيدة من قائمة الزينات والدعاية.

 

بل إن الاحتفالات تستفيد منها الدولة بأكملها في الدعاية لنهضتها سواء بالداخل أو الخارج، والذى يطالب بإلغاء الاحتفالات يمثل عقلية التاجر الغبى الذى يوفر تكاليف الإعلان عن بضاعته، وما أعترض عليه فى احتفالات هذا العام 1959 هو قلة الذوق في بعضها، وخاصة أقواس النصر المصنوعة من قماش الخيام، لأنى أحس وأنا أمر تحتها أنى في مأتم، صدقونى أن آخر ما يستحق التوفير هو الزينات والاحتفالات، لأنها تسعد الفقير والبسيط وهؤلاء هم أصحاب الفرح.

الجريدة الرسمية