رئيس التحرير
عصام كامل

هل التزمنا بأمانة الكلمة؟!

هل أصحاب الأقلام وحملة الميكروفونات هم وحدهم المسئولون عن أمانة الكلمة الذين قال الله فيهم: "ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ".. أم أن كل من يكتب كلمة وتصل للناس وتؤثر فيهم سواء على السوشيال الميديا أو فى الصحف والفضائيات، أو حتى على منابر المساجد أو فى الكنائس أو فى المواصلات والمقاهي، هو صاحب كلمة سيسأل عنها أمام الله تعالى يوم القيامة لقوله عز وجل "وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ"؟  


ليعلم كل متكلم أنه مسئول عما يتلفظ به، فمفتاح الجنة في كلمة وقضاء الله هو الكلمة.. والكلمة الطيبة تبني مجتمعات متماسكة فهي كشجرة طيبة، يقول الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا"، “وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ”.

 

للقلم مسئولية أخلاقية فليس على الكاتب أو المفكر أو صاحب الرأي سلطان إلا ضميره وصالح وطنه ومجتمعه.. والكتابة بشتى صورها أمانة أخلاقية قبل أن تكون وظيفة نتكسب منها أو مهنة أو أكل عيش.. 

ومن ثم فإن صناع الرأي العام حتى ولو كانوا "يوتيوبرز" عليهم مسئولية أكبر من غيرهم؛ ذلك أن تأثيرهم أقوى اجتماعيًا؛ فهم بمثابة قادة مجتمع يشكلون وعيه وقناعاته، وهؤلاء حريٌّ بهم تحري الدقة والتحلي بالمسئولية واجتناب السوء من القول يقول الله تعالى "وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ".


وبقدر ما يخلص الإعلاميون وأصحاب القلم في طرح وإثارة ما يحتاجه الناس لا ما يحبونه وبينهما فارق هائل، وتبني ما يبني الأوطان ويحفظ مصالحها العليا تأتي الثمرات يانعة في صالح الفرد والمجتمع تقدمًا وتطورًا ورخاءً.. أما إذا تجرد هؤلاء من الفضيلة وتنازعتهم الأهواء وهيمنت عليهم الأغراض الضيقة فإنهم يلبسون على الناس أمورهم ويغرسون التخبط والتشويش في مجتمعهم ويجعلونه بيئة خصبة للشائعات والانقسامات والوهن والتطرف ومسالك الشيطان.


الإعلام يمارس أخطر الأدوار في أي أمة؛ وعلى الإعلامي تقع الأعباء الجسام في تصحيح الصورة وإيقاظ الهمة وتبصير الوعي؛ ومن ثم فعلى كل من يعمل في وسيلة إعلامية أن يستشعر عِظم الأمانة الملقاة على عاتقه، وأن يتحلى بالموضوعية ويلتزم الصدق لما لقوله من تأثير كبير على الناس فالله تعالى يقول يَا "أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ".. 

 

 

تُرى كم إعلاميًا وكم كاتبًا وكم "يوتيوبرز" أدى أمانة الكلمة وصان شرفها وعرف حقها والتزم بالموضوعية والحياد، وجعل ضميره وصالح الوطن هو بوصلته حين يتكلم وحين يختار ألفاظه وضيوفه وموضوعات حلقاته ليوجه الرأي العام وجهة حسنى يرضاها الله وتصب في صالح المواطن والوطن؟!

الجريدة الرسمية