رئيس التحرير
عصام كامل

في رحاب الحبيب.. النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم

لم يكن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بالنسبة للمسلمين نبيًّا ورسولًا فحسب، بل كان أبًا رءوفًا، ووالدًا رحيمًا، ومدافعًا عنهم ضد المخاطر والمساوئ، وحاميًا لهم مما يتهددهم.. كان المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم، يذب الناس عن الدنيا والشهوات والمغريات كما يذب الرجل أغنامه عن مواضع الخطر، وما قد يهدد حياتهم.

فعن جابر بن عبد الله، وأبي هريرة، رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "مثلي ومثلُكم كمثل رجلٍ أَوْقَدَ نارًا فجعل الجنادِبُ والفَرَاشُ يَقَعْنَ فيها، وهو يَذُبُّهُنَّ عنها، وأنا آخذٌ بحُجَزِكُم عن النار، وأنتم تَفَلَّتُون من يَدَيَّ".

في هذا الحديث، يبين النبي، صلى الله عليه وسلم، أن حاله مع أمته كحال رجل في برية، أوقد نارًا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها؛ لأن هذه هي عادة الفراش والجنادب والحشرات الصغيرة، إذا أوقد إنسانٌ نارًا في البر؛ فإنها تأوي إلى هذا الضوء. ويقول: لأمنعنكم من الوقوع فيها، ولكنكم تفلتون من يدي، بمخالفة أوامره، ونواهيه، صلى الله عليه وآله وسلم.

 

ويقول عز من قائل: "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورً".

وفي تفسير هذه الآية الكريمة، يعني أن سيدنا محمد أحق بالمؤمنين،وله أن يحكم فيهم بما يشاء من حكم، فيجوز ذلك عليهم  من بعضهم ببعض في نفوذ حكمه عليهم ووجوب طاعته عليهم. 

 

وقال ابن عباس وعطاء: يعني إذا دعاهم النبي، صلى الله عليه وسلم، ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة الرسول، صلى الله عليه وسلم، أولى بهم من طاعتهم أنفسهم. 

وقال ابن زيد: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فيما قضى فيهم، كما أنت أولى بعبدك فيما قضيت عليه.

وعن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرأوا إن شئتم "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ"، فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه.

وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بطاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وكذا على لسان نبيه، صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر معلوم مِنَ الدين بالضرورة، وجعل الله عز وجل طاعته صلى الله عليه وسلم من طاعته سبحانه فقال: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ". (النساء:80).

كما أمرنا سبحانه بفعل ما أمرنا به نبينا، صلى الله عليه وسلم، واجتناب ما نهانا عنه، فقال عز وجل: "وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا". (الحشر: 7). وفي التفسير، قال ابن كثير: "أيْ مهما أمركم به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمركم بخير وإنما ينهى عن شر".

وقال ابن تيمية: "أمر الله بطاعة رسوله في أكثر من ثلاثين موضعًا من القرآن، وقَرَنَ طاعته بطاعته، وقرن بين مخالفته ومخالفته". 

وإذا كانت طاعة النبي طاعةً لله تعالى، فالأدب معه، صلى الله عليه وسلم، أدب مع الله، عز وجل، إذِ الأدب مع الرسول هو أدب مع المُرْسِل، ومن الأدب مع النبي، صلى الله عليه وسلم، التسليم لأمره والانقياد لحُكْمِه.. 

وقال ابن القيم:"فرأس الأدب مع الرسول، صلى الله عليه وسلم: كمال التسليم له والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمله معارضة بخيال باطل، يسميه معقولًا، أو يُحّمله شبهة أو شكًا، أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالات أذهانهم، فيوحد بالتحكيم والتسليم، والانقياد والإذعان، كما وحّد المرسِل سبحانه وتعالى بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل".

وقد حكم الله عز وجل بعدم الإيمان على منْ لا يرضى ويُسَلِّم بحكم نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ونفْي الإيمان عن أحد أمر عظيم يدلّ على خطورة وعِظَم السبب في ذلك، فعن عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه: "أن رجلا خاصم الزبير في شِرَاجِ (مسيل الماء من الوادي) الحَرَّةِ (موضع بأقصى المدينة) التي يسقون بها النخلَ، فقال الأنصاري: سَرِّحِ الماءَ يَمُرُّ، فأبى عليه، فاختصما عند النبي، صلى الله عليه وسلم.. 

فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، للزبير: اسقِ يا زُبَيْر، ثم أرسِل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول الله أن كان ابن عمتك؟ فتلوَّنَ وجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجعَ إلى الْجَدْرِ (أصل الأشجار والبستان)، قال: فقال الزبير: والله إني لأحسِبُ هذه الآية نزلت في ذلك: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". (النساء:65)، (رواه البخاري).

وفي رواية أخرى عن الزبير بن العوام، رضي الله عنه: أنه خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرا، وفيها قال الأنصاري للنبي، صلى الله عليه وسلم: "آن كان ابنَ عَمَّتِكَ؟". 

كما ورد في الحديث: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".

حُرْمَة النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، ونصرته وتَوْقِيرُه، وامتثال أمره والرضى بحكمه بَعْدَ مَوْته واجب كَوُجُوبه حال حياته، ومن أهم أسباب هداية العبد وسعادته أن يرزقه الله طاعة رسوله، صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: "وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا". (النور:54).

 

وقد حذرنا الله عز وجل من مخالفته وعصيانه فقال سبحانه: "وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ". (النساء:14).. وأوجب علينا تصديق خبره، والرضى بحكمه والتسليم له، فقال عز وجل: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". (النساء:65).

 

وفي آي الذكر الحكيم: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينً".

وفي التفاسير: لم يكن لمؤمن بالله ورسوله، ولا مؤمنة، إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء أن يتخيروا من أمرهم غير الذي قضى فيهم، ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما، ومن يعص الله ورسوله فيما أمرا أو نهيا "فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينً"، يقول: فقد جار عن قصد السبيل، وسلك غير سبيل الهدى والرشاد.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية