بين الحب والمال!
هل هناك تعارض بين المال والحب.. وهل يمكن أن يغنى أحدهما عن الآخر؟! أرى أنه لا تعارض بين الحب والمال؛ لكن الأول قد يكون سببًا في جلب الأخير والعكس غير صحيح! أما السعادة فتتحقق إذا ما وضعنا كلًا منهما في نصابه الصحيح، فلا يطغى الجانب المادي على تعاملاتنا، ولا تكون مصلحة الفرد معيارًا حاكمًا للعلاقات الإنسانية..
وأن يكون الحب أساس كل تعامل ومنطلق كل تصرف.. هنا تعلو الإنسانية ويشتد عودها وتتوارى الأنانية والأثرة وحب الذات.. لكن كيف يتحقق ذلك في عصر سمته الأساسية هي طغيان المادية!
الحب بمعناه الأشمل والأوسع؛ قد يكون سببًا في يسر العيش وجلب المال، بحسن الخلق والمعاملة التي تجعل صاحبها مقبولًا عند الله وعند الناس، ومن ثم تتوفر له فرص العمل والكسب أو عقد الصفقات ورواج التجارة، ولعل تجارب التاريخ تقول إن الإسلام انتشر بالحب لا بالسيف، بحسن الخلق وطيب المعشر لا بالتهديد والوعيد..
نعم انتشر الإسلام في كثير من البلدان بأخلاق التجار وخاصة بلاد شرق آسيا، لم ينتشر بالسيف، أو بالفتح والقتال والحروب، وإنما بالصدق والأخلاق من هؤلاء التجار الصالحين الذين كانوا خير سفراء لهذا الدين العظيم.
مصداقية التجار المسلمين وحسن تعاملهم وتطبيقهم لمبادئ الإسلام كان لها دور بارز في التقرب الكبير من سكان أفريقيا، فبدأ الكثير منهم يدخلون في دين الإسلام؛ لما رأوه من محاسن أخلاق التجار وأمانتهم، هؤلاء هم الذين تعلموا أصول الدين في مدرسة النبوة، وفهموا جيدًا قول النبي الكريم: "إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ لِيَسَعْهُمْ منكم بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ".. هؤلاء جعلوا المال مجرد وسيلة لتحقيق السعادة وتقديم الحب، وليس بديلًا عنه.
يقول الرسول الكريم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".. فهل أحببت لأخيك ما تحبه لنفسك فعلًا؟
إذا نجحت في ترويض نفسك، وتوطينها على هذا المبدأ تخلصت من شرور المادية وطغيانها على دنياك، وهنا نصل لنتيجة مهمة في علاقة الحب بالمال، فإذا تحقق الأول كان سهلًا أن يتحقق الآخر، فالحب يصنع المعجزات، ويضع المال في حجمه الحقيقي كوسيلة إعاشة ضرورية في الدنيا وليس غاية يتقاتل عليها الناس، وتضيع في سبيلها الأرواح والأمن والأمان..
انظروا ماذا يفعل الحب في الناس.. يقول أنس رضي الله عنه: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع وكان كثير المال، فقال سعد: قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالا سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك...".
الأول زهد فيما يملك وأبدى رغبة جادة وحقيقية في العطاء والكرم.. والآخر تعفف واستغنى ولم يمد عينه لما يملك صاحبه.. فهل يمكن لقصة كهذه أن تتكرر في حياتنا.. وكيف نبلغ هذه الدرجة من الإنسانية العالية.. أليس الحب الممزوج بالإيمان هو بطل هذه القصة وغيرها.
ليس هناك تعارض بين المال الذي هو عصب الحياة والحب الذي هو عصب الروح والذي يجعل للحياة قيمة ويعلو بها فوق الغرائز والنوازع والمطامع.. المال وسيلة لتأمين الضروريات مثل المأكل، الملبس، السكن، والتعليم، والرعاية الصحية. فهو يمثل أحد أعمدة الاستقرار المادي في حياة الإنسان، والحب يجعل هذه المقومات قابلة للحياة والبقاء في أمن وسلام..
ورغم أهمية المال، إلا أنه قد يكون سببًا في ظهور المشكلات، سواء بسبب نقصه أو الإفراط في تقديره، لكن التركيز على المال وحده يجعل الإنسان أسيرًا له، ناهيك عما يمكن أن يؤدي إليه من توتر وإجهاد، وربما يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية.
أما الحب فهو مصدر طمأنينة، سواء كان بين الزوجين، أو الأصدقاء، أو أفراد العائلة، العلاقات المبنية على الحب تعزز من استقرار الإنسان العاطفي والنفسي وتقوي المناعة وتزيد التماسك الاجتماعي، وتقلل الجرائم وتقي الناس شرور الكراهية والأحقاد.
الحب يمنح الإنسان دافعًا لبذل المزيد من الجهد والعمل من أجل إسعاد أحبائه وتلبية احتياجاتهم، كما يعزز من قيم الرحمة والتعاون، ويجعل المجتمعات أكثر ترابطًا وتفاهمًا، ويساعدها على مواجهة التحديات والصعوبات، حيث يكون الدعم العاطفي من الأحبة حافزًا للصمود والتغلب على العقبات.
المال والحب ليسا متعارضين بالضرورة، بل يمكن أن يكمل كل منهما الآخر. المال قد يكون وسيلة للتعبير عن الحب، من خلال تقديم الهدايا أو توفير حياة كريمة.. لكن المشكلة تظهر عندما يصبح المال هو الهدف الرئيسي في العلاقة، مما يضعف الحب ويجعل العلاقات سطحية ومادية.
وقد يمتلك الإنسان ثروة كبيرة، لكنه يفتقد الحب والدعم العاطفي، مما يجعله يشعر بالفراغ والوحدة. مثال على ذلك بعض المشاهير الذين ينتهي بهم الأمر إلى عزلة رغم ثرائهم وفي المقابل يعيش كثيرٌ من الأزواج بسعادة رغم ضيق ذات اليد، لأن حبهم الصادق يجعلهم يتجاوزون صعوبات الحياة معًا.
المال يصبح نعمة إذا استُخدم في تقديم الدعم والرعاية للأحباء، لتقوية الروابط العاطفية. ومهما بلغ الإنسان من الثراء، فإن الحب يظل العنصر الذي يمنح الحياة معناها وقيمتها؛ كما أن العلاقات التي تُبنى على الحب والاحترام تستمر، بينما العلاقات التي تعتمد فقط على المال قد تنهار سريعًا.. فالحب الحقيقي يبقى ميراث الأحياء أما المال فهو ميراث الموتى.. والحي أبقى من الميت.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا