على ترامب أن يعيد اليهود إلى أوطانهم
يظن المستثمر العقاري، دونالد ترامب، أن الأوطان مثل الشقق يمكن بيعها وشراؤها والاتجار فيها، وفيما فاجأنا به من تصريحات حول تهجير شعب فلسطين من أهل غزة إلى مصر والأردن، تعامل بذات المنطق الذي أطلقه قبل أيام حول جزيرة جرينلاند التي عرض شراءها، فإن لم يكن فإنه سيستولي عليها عسكريًا.
جرب ترامب فكرة الصفقات في المنطقة العربية في ولايته الأولى، وقد لاقت نجاحًا لا يمكن إنكاره، فاستمرأ الوضع وأعلن في صراحة مدهشة أنه ينوى حماية أهل غزة من القتل والتدمير بالتهجير إلى مصر والأردن، وزعم أنه أنهى الموضوع مع ملك الأردن.
وترامب كتاجر عقارات لا ينظر إلى العقار أو الأرض إلا باعتبارهما صفقة يمكن أن تخضع لقواعد أي صفقة، لا يدرك أن جدران الشقق نفسها تحتفظ بين موادها بذكريات وتتوطد علاقتها بأصحابها بنصيب من الذات الإنسانية، ولكنه تاجر شقق وعمارات وفيلات ويرى أن الأرض مثل البنايات.
والرئيس التاجر في عرضه لا يتوارى ولا يوارى عرضه أو يغلفه بمصطلحات أو عبارات للتجميل أو حتى للتزويق لتمرير بضاعته، هو صريح صراحة التجار، ويظن أنه في سوق عقارية كبيرة، وأن كل الموجودين يقبلون بالبيع والشراء، يتساوى في ذلك إن كان المعروض وطنًا أو مجرد شقة.
في مصر، الأرض عرض، وفي سائر الأوطان، ولكن في مصر الأمر مختلف تمامًا، مصر هي أقدم دولة لها حدود وهي حاضرة الماضي وفجر الضمير الإنساني، ومصر هي من صاغت فكرة الوطن، فغيرها كانت مجرد أراض غير محددة المعالم..
نحن من حدد المعالم ونحن من رسم الخرائط ونحن من استوطن الأرض واختلط بها وخالطها بسياج من الحب، نحن من زرع الأرض وحصد خيرها، ونحن من أخرج كنوزها وابتنى عليها دورًا وقصورًا.
يهاجر المصري إلى بلاد يظن بها خيرًا، ويستعمر فيها ويقيم ويسكن وينجب، ويكتب في النهاية وصيته بأن يدفن فيها، في مصر. لا يوجد مهاجر مصري طاردته الحياة فخرج منها أو أغرته حياة الترف في الغرب أو سعى في مناكبها وعاش في غيرها إلا ويرتبط بها.
المصريون يهاجرون ويظل الواحد منهم مرتبطًا ببلده ببناء بيت، فإن لم يكن فإنه لا محالة يبتني قبرًا وكأن ثرى الأرض التي يعيش فيها لن يكون مريحًا لبقاياه أو أن الأرض التي هاجر إليها لن تكون برحمة أرض مصر وسعتها ودفئها ونعومتها.
وفي مصر، خرج الرجال الأشداء منذ فجر القضية الفلسطينية مدافعين عنها، عاد من عاد ورحل من رحل، لم يتراجع المصري يومًا من الأيام عن الدفاع عن القضية، عن الأرض، عن الوطن الكبير، ولم تخزن النساء الثكالى أبناءهن الواحد تلو الآخر دفاعًا عن الأرض التي يتصور ترامب أو غيره أنه يمكن التنازل عنها.
في قريتنا الصغيرة على ضفاف بحر يوسف، لا نزال نحتفظ لأشقاء الشهداء وأبنائهم بالعرفان، يسير الواحد منهم مرفوع الهامة والقامة؛ لأنه ابن شهيد أو شقيق شهيد، وتحتفظ القرية بكاملها بصور هؤلاء الذين آثروا الموت دفاعًا عن الأرض، أرض فلسطين.. فماذا نقول لهم الآن؟
هل نقول لكل الأجيال التي ضحى آباؤهم وأبناؤهم ودفعوا الدم ثمنًا إن دماء أبنائهم ذهبت هدرًا؟ هل نقول لهم إن تاجرًا شاطرًا أو قاتلًا جديدًا جاء إلينا يحمل التهديد والوعيد سلمنا له دماءهم الزكية؟ هل نقول لهم إنهم ذهبوا غدرًا ولم تكن لدينا قضية؟
هل نقول لهم إنهم ماتوا وما باعوا وإننا عشنا بعدهم لنبيع حتى لا نموت؟ هل نسلم بأن الأمة اجتمعت قديمًا على ضلال وأن بيع الأوطان مسألة سهلة؟ هل نقول للسيد ترامب إن لدينا من يتقهقر ويتراجع ويدفع الأرض ثمنًا لحياته أو موقعه أو منصبه؟
هل نقول للسيد ترامب إن نساء غزة اللاتى لم يبعن ولم يهاجرن ولم يتراجعن أقوى منا وأننا في مسألة البيع والشراء نقبل التفاوض؟ هل هناك من بيننا من يملك القدرة على الاعتراف علنًا بأنه باع نفسه وضميره وتاريخه وقيمه؟ هل فينا من يملك قرار التنازل عن دماء زكية راحت لنبقى أحرارًا؟
العرض مرفوض قطعًا، ولدينا للسيد ترامب عرض أكثر وجاهة، على المهاجرين من أوروبا وأمريكا أن يعودوا إلى أوطانهم، على يهود الشتات الذين طاردتهم أوروبا وغدرت بهم جيوش أوروبا أن يعودوا إلى أوطانهم ويتركوا الأرض لأصحابها.
إن هذا العرض مقبول شكلًا ومضمونًا، على الغائب أن يعود إلى أرضه التي عاش عليها، على المهاجر أن يعود إلى حيث كان، على كل من استوطن أرضًا غير أرضه أن يتركها لصاحبها، تلك دعوة حق تعيد لليهود حقهم وتعيد لهذا الشعب الغريب عن محيطه أن يعود كما كان أوروبيًا وأمريكيًا وعربيًا وآسيويًا وإفريقيًا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا