مذكرات عربجي.. بقلم سليمان نجيب!
بينما كنت أمارس هوايتي في البحث داخل المواقع التي تحوي كتب المذكرات والسير الإنسانية، استوقفني كتاب يحمل عنوان مذكرات عربجي، وزاد شغفي بالكتاب، أن وجدت على صفحته الأولى كمؤلف اسم سليمان نجيب، الممثل الأشهر في عالم السينما المصرية خلال النصف الأول من القرن الماضي.
سليمان نجيب وضع حنفي أبو محمود كاسم مستعار لمؤلف الكتاب، الذى استهله بمقدمة حوت خطابا بليغا وجهه إلى الصحفي الكبير فكري أباظة يتوسل إليه أن يكتب مقدمة لذلك الكتاب قال فيها: "سيدي الأستاذ النابغة.. محسوبُك كاتب هذا -الأسطى حنفي أبو محمود- من كان له الشرف أن يُقِلَّكَ في عربته مرارًا، إما منفردًا أو مع زمرة من إخوانك ومحبيك، يرجوك ويتوسل إليك أن تكتب له كلمة صغيرة يضعها في مقدمة مذكراته التي ظن بعضهم أنها جديرة بالنشر.
وأنا لا أرجو ولا أتوسل إلا لأني من المعجبين بقلمك وأدبك، وأنك باعتراف الكل الكاتب الذي تَقرأ كتاباته كلُّ الأفراد بلهف وشغف، وأستصرخ ديمقراطيتك أن تحنَّ على حوذيِّك بكلمة تجعل لهذه المذكرات قيمة.
إنك كريم يا أستاذ، طالما جُدت عليَّ بضِعف ما أستحقه في التوصيلة، لأن نظرك البعيد يرى أن بجانب أكل البهايم أكل العيال، ومن كان من أخلاقه الكرم والبحبحة فلا أظن أن يضن على حوذيِّه القديم بما يطلبه، أبقاك لله وجعلك ظلٍّا لأمثالي المساكين الغلابة، وأنا يا سيدي عبدك المطيع.
وأتبع نجيب رسالته بالمقدمة التى كتبها فكري أباظة وقال فيها: "عزيزي الأسطى حنفي.. أشكرك كل الشكر على حسن ظنك بي، وما كان الأمر يحتاج إلى الطلب يا أسطى، كان يكفي أن تأمر فنجيب؛ لأن لك علينا أفضالًا لن ننساها؛ لأنك، لست حوذيًا فقط، بل أنت فيلسوف، والفلسفة مبجَّلة في حدِّ ذاتها، برفع النظر عن حيثية المتصفين بها!
حقٍّا، إني لأكتب بعواطفي، لا أتكلف ولا أتصنَّع، فدعني أهنئك من صميم فؤادي، ولو كان كرباجك كقلمك لفاخرنا بك أعظم الأسطوات في جميع القارات!
تتبعت كلماتك كلها، وكلما قرأت واحدة استفزني الشغف بأسلوبها إلى انتظار الأخرى على أحرِّ من الجمر، فرأيت خفة الروح تنساب بين السطور انسيابًا، ورشاقة العبارات تتدفق تدفقًا، فلما أخذتني الغيرة من ذلك الابتكار والتفنن؛ واسيت نفسي قائلًا إن الأسطى حنفي لم يأتِ بشيء من عنده؛ لأن هذه نفثات الأنفاس بلا جدال، وهو مشغول بالكرِّ نهارًا وليلًا وبالشدِّ صباحًا ومساء، ومن كانت هذه أدواته وحواشيه فمن يستطيع أن يماشيه؟!
يمينًا يا أسطى، لست أحابيك ولا أداجيك، إنما أقرر الواقع، لقد لذعت بكرباجك العظيم ظهور المتهتكين والمتهتكات، المتحذلقين والمتحذلقات، وقديمًا كان الكرباج أداة التهذيب والتأديب، ولكن كرباج العهد الغابر كان يسيل الدم ولا يجرح النفس، أما كرباجك أنت فلا يُسيل الدماء، ولكن يجرح النفوس، ونحن إنما نريد معالجة الأرواح لا الأبدان، فشكرًا لك يا طبيب النفوس.
لا تفكر كثيرًا في الأزمة يا أسطى، ولا تطمع، وما دام علفك وعلف أولادك ومواشيك موجودًا فاحمد لله، وما دمت فليسوفًا فليكن جيبك فاضيًا كقلبك.
ألا تعلم أن من تصدى لتهذيب الجمهور وجب أن يدوسه الجمهور؟ انظر يمينك وشمالك بسكوت وطبِّق النظرية تجدها صحيحة فسِرْ في طريقك هادئًا ولا تجمد في موقفك وأسمعنا طرقعة كرباجك فقد اختفى صوته من زمن بعيد، ولكن حذار أن تدفع أو تجمح فتكون التوصيلة للواحات!
أيْ عزيزي الأسطى: إن أمة حوذيَّتها مثلك لجديرة بأن تركض ركضًا، وتربع إلى مطامعها لا تلوي على شيء في الطريق.
إني لفي غاية الشوق إلى كتابك، فهيا وحضِّر الملازم بسرعة فينتفع الجمهور، وأنا في انتظارك فلا تتأخر علي.
الكتاب صدر في مصر عام 1921 وهو بحسب المتابعين نص أدبي رائع، رصد فيه سليمان نجيب بسخرية لاذعة، متقمصا شخصية عربجي، مواقف المتلوّنين والانتهازيين الذين ظهروا في مصر في أعقاب ثورة 1919، ورصد على طريقته الساخرة جابنًا هامًا من مجتمعات ما بعد الثورة، ولحظات التحول الكبرى في تاريخ هذه المجتمعات.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا