انتصار أكتوبر وطوفان الأقصى.. شتان الفارق!
يخطىء من يشبه الانتصار الذى حققه الجيش المصري يوم السادس من أكتوبر عام 1973 بعملية طوفان الغضب، التي نفذتها حركة حماس بالتعاون مع بعض حركات المقاومة الفلسطينية في العام الماضي، فكلا الحدثين يختلفان في كافة الأمور المرتبطة، بخلاف أمر واحد اشتركا فيه هو استهداف العدو الإسرائيلي..
هذا بالإضافة إلى أن هناك عقلاء كثر لا يبخسون المقاومين حقهم سواء بالإشادة أو التشجيع فيما نفذوه داخل العمق الإسرائيلي، ويري أولئك العقلاء أن الثمن الذى سدده الشعب الفلسطيني في غزة ومن بعده في لبنان، ثمنا باهظا، ولكن هناك من يرد من المقاومين بأن هذا الثمن ليس بكثير أبدا على انقاذ القضية الفلسطينية من الضياع.
وفى الحقيقة فإن كل رأي له مبرراته ودوافعه، مقدر ومحترم، رغم عدم الإقتناع به في بعض الأحيان، والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية مع أي عاقل، أما أولئك المغيبين الذين تجاوزت أقوالهم حدود العقل والمنطق والإدراك العادي لأي أمر، الذين يزعمون أن عملية طوفان الأقصى أو طوفان السابع من أكتوبر تجاوزت في مجملها أهداف ومكاسب إنتصار السادس من أكتوبر عام 1973.
أولئك لا نرد عليهم الا بالدعوة الى المسارعة بعلاجهم إما من سواد القلب أو ضياع العقل، وأعلم مسبقا أن حالة أولئك متأخرة جدا، وربما لا تصلح معها العلاجات أو دخول المشافي!
وأقول للتاريخ وللأجيال الجديدة، وللمنصفين أن أكتوبر 73 هو الإنتصار الوحيد الذى حققته الجيوش العربية بقيادة الجيش المصري على جيش دولة الاحتلال، أكتوبر 1973 هي الحرب التي أفقدت العدو ثقته وكسرت كثير من نظرياته، أكتوبر 1973 كانت تأكيد على استعادة الجيش المصري بالتحديد كرامته وكيانه الذى اهتز في أعقاب الهزيمة التي منيت بها جيوش ثلاث دول عربية منها مصر في حرب الست ساعات أو ما سميت بهزيمة أو نكسة 1967.
حرب أكتوبر 1973 حققت أهدافها الإستراتيجية، والتزم الجيش المصري بألا تخرج تلك الحرب عن نطاق الصراعات المسلحة بين الجيوش، وبالتالي وخلال تلك الحرب لم يحول جيش مصر أبناء الشعب ليصبحوا دروعا بشرية يستهدفهم العدو بالقتل والتشريد خلال استهدافاته للجنود والمعدات العسكرية..
حرب أكتوبر 1973 خطط لها على مستوي من مستويات التخطيط والإستعداد في إطار المتاح من إمكانيات وفى إطار التورط الأمريكي الفج في دعم دولة الكيان الغاصب.. حرب أكتوبر 1973 خطط لها أن تنقل للعدو الشعور الحقيقي بالخوف والرهبة وتقدير قيمة المقاتل المصري، وقد حققت حرب أكتوبر ما استهدفته، ومزجت في النجاحات التي استهدفتها مصر ما بين الحرب والسلم، وأعادت حرب أكتوبر الأرض السليبة.
حرب أكتوبر 1973 لم تبدأ أحداثها يوم السادس من أكتوبر عام 1973، ولكنها بدأت من اليوم التالي لهزيمة 1967، وأدار الجيش المصري حينها وعلى مدي ثلاث سنوات، حتي عام 1970 معارك من أشرس المعارك التي عرفت بحرب الإستنزاف.
وأنتقي السطور التالية من رسالة ماجستير أعدتها الباحثة الدكتورة فاطمة عمر بكلية الأداب جامعة المنيا عن أسباب حرب الإستنزاف فتقول: "كانت حرب الاستنزاف أو حرب الألف يوم كما أطلقت عليها إسرائيل بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس، وأطلق عليها الرئيس المصري جمال عبدالناصر حرب الاستنزاف أي استنزاف لقدرة إسرائيل..
وكانت حرب الاستنزاف لإثبات أن مصر لم تخسر المعركة ولم تخسر الحرب، وكذلك للرد على إسرائيل عندما أعلنت بعد هزيمه يونيو 1967 في زهو وتكبر أنها الحرب التي أنهت كل الحروب، وعلى العرب تقديم فروض الولاء والطاعه، ورأت الولايات المتحدة فرصة قوية لتحويل الدول العربية إلي الاذلال وقبول تعاون مع إسرائيل بعد الهزيمة..
ولكن مصر خاصة والعرب عامة أصروا على عودة إسرائيل لحدود4 يونيو 1967، ولكن الولايات المتحدة سخرت من العرب وسخر منهم آرثر جولدبرج مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، فكانت بذلك حرب نفسية..
فكانت حرب الاستنزاف لرفع روح المصريين والعرب المعنوية وإثبات أنهم جيش العزيمة والشجاعة، لذلك كان لابد من خوض حرب الاستنزاف لإسترداد الأرض والكرامة بعد أن دمرت في 1967م ولكي لا تظن إسرائيل أنها أنهت الصراع العربي الإسرائيلي بهزيمتها للعرب، فبذلك كانت حرب الاستنزاف ضرورة لابد منها..
فهى كانت مقدمة للنصر فيما بعد، ولأنها حددت العلاقة لهذه الحرب، وأعادت الثقة للمقاتل المصري في نفسه وسلاحه، وكانت تجربة لابد منها لكل الأطراف وضرورية للقوات المصرية الذين فقدوا ثقتهم، وضرورة لإسرائيل لتفوق من صدمه النصر السهل، ولأن إسرائيل لا تريد السلام ولكن تريد فرض إرادتها وقوتها على العرب، ولكن البعض سخر من هذه الحرب، والبعض اغفل أهميتها ونتائجها، والبعض نفي أنها الحرب التي استهدفت الاستعداد لاقتحام الضفة الشرقية للقناة".
إلى هنا ينتهي الإقتباس من رسالة الماجستير.
ونعيد القول ونكرر.. أكتوبر 1973 عي الحرب الوحيدة التي انتصر فيها الجيش المصري على العدو، وهي الحرب الوحيدة التي أعادت للمقاتل المصري كرامته، وأعادت أرض مصر السليبة.