لا فارق بين أولئك وهؤلاء!
استغرب جدا لأولئك المجاهرين بتأييد مرشح بعينه في انتخابات الرئاسة الأمريكية المنتظر إجراؤها خلال أيام، ويمتد العجب والاستعجاب للمبررات التي يسوقها البعض لتأييد أو انحيازه لأحد المرشحين، فتجد من يقول: "أن الحزب الجمهوري دوما مش عارف إيه "، وآخر يقول: " الديمقراطيون.. كاني ماني إيه ".. عبارات لا فارق بينها ولا علاقة لها بالواقع!
وبالطبع يتحول الأمر لدي غالبية معلقينا على الانتخابات الرئاسة الأمريكية، وخاصة في وسائل الإعلام، إلى نوع من الإدعاء بالعلم ببواطن الأمور، رغم أن الحقائق الواضحة لا تخطأها العين، وتؤكد أننا كدول عالم ثالث أو نامي أو متخلف، حسب التسمية التي تروق في أي تجمع متابع..
لا نمثل أية أهمية في التفكير والوجدان أو في المشروعات السياسية لكلا الحزبين المتبادلين للسلطة على مدى العقود الماضية، والقادمة أيضا، الحزبان الجمهوري والديمقراطي.
علي سبيل المثال وليس الحصر.. القضية الفلسطينية وعلى مر السنين والعقود ينظر إليها ويتم تقييمها من جانب الدوائر المؤثرة في صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، بتقييم منحاز بكل السبل والوسائل لدولة الكيان الغاصب.
ولعل التعمق في الكارثة الإنسانية الأخيرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر في العام الماضي تؤكد مدي الانغماس الذى تغرق فيه الإدارة الأمريكية والأجهزة الفاعلة تأييدا ومحاباة لدولة الاحتلال الغاصب!
منذ اليوم الأول لتنفيذ عملية طوفان الأقصى، توالت التصريحات والتصرفات عن الإدارة الأمريكية بكل مستوياتها مساندة ومتعاطفة، بل ومروجة لأدلة مكذوبة لجرائم قتل واغتصاب تبين أنها أدلة كاذبة.
وتقرر الإدارة الأمريكية تقديم كل الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لدولة الكيان الغاصب لتنفيذ أكبر جريمة إنسانية في تاريخ الصراعات المسلحة واحتلال الدول، وهي جريمة هدم ومحو قطاع غزة من على وجه الأرض!
وبادر الرئيس الأمريكي بإيفاد وزير خارجيته، الذي كاد يبكي في المؤتمر الصحفي الذي عقده في عاصمة دولة الكيان الغاصب، وقال أنه لم يأت إلى هنا كوزير للخارجية الأمريكية، ولكنه جاء كيهودي تعرض أهله في فترات سابقة لحوادث عنف واستهداف!
في الوقت ذاته، صدرت التعليمات لحاملات طائرات أمريكية بالتوجه إلى القرب من المياه الإقليمية لدولة الكيان الغاصب، بما يعد إعلانا صريحا بفرض البلطجة الأمريكية ضد من تسول له نفسه استهداف دولة الكيان الغاصب!
في الوقت ذاته أيضا بادرت الإدارة الأمريكية بتحويل الاعتمادات المالية التي كانت مخصصة لدعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، إلى دولة الكيان الغاصب لتعويض الخسائر المترتبة علي طوفان الأقصى من مختلف الجوانب.
كذلك فعلت وزارة الدفاع الأمريكية، وظهر من التصريحات المعلنة وغير المعلنة حجم التعاون غير المحدود أو لنقل الدعم غير المحدود من جانب البنتاجون لدولة الكيان الغاصب!
وفوق كل هذا وذاك.. كلنا نتابع المسرحية الهزلية التي ابتلعتها أجهزة الإعلام العالمية عن أن هناك خلافات حادة بين إدارة بايدن وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، حول المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الغاشم ضد الفلسطينين في غزة والضفة الغربية، وإبتلع الإعلام العالمي كذلك وهم أن هناك خلافات بين نتنياهو ووزير دفاعه، رغم أنهما لا يختلفان عن بعضهما البعض في كونهما مجرمي حرب!
الأمر اللافت كذلك.. تلك المساندة غير المحدودة من الولايات المتحدة لدولة الكيان الغاصب في المواجهة مع الدائرة مع إيران.
وبعد كل هذا الدعم اللا محدود على كل الأصعدة نجد من يقول أن رئيس حكومة الكيان الغاصب يسوف وينتظر حتى الانتخابات الأمريكية المنتظرة، التي قد تأتي بترامب لسدة حكم الولايات المتحدة الأمريكية المساند الأكبر لدولة الكيان الغاصب.
ونجد كذلك بيننا من يدعي ان ترامب سوف يكون داعم أو مساند لنا عندما يتولى الرئاسة بعد نجاحه في الانتخابات المنتظرة! أي خلل فكري هذا الذى نعانيه؟
وإكتملت فصول الملهاة أو المسخرة السياسية، ما تابعناه علي شاشات التليفزيون مؤخرا خلال أحد المؤتمرات الانتخابية لترامب المرشح الرئاسي، فقد خرج على الموجودين من تم تعريفه بأنه ممثل الجالية المسلمة في ولاية ميتشجان، خرج ليعلن دعم المسلمين لترامب بإعتباره مرشحا مساندا للعرب والمسلمين!
وخلال ذات المؤتمر الإنتخابي خرج ترامب متوددا للمسلمين وهاجم منافسته قائلا إنها استعانت في حملتها الانتخابية بأبنة ديك نشيني وزير الدفاع الأسبق، والذى قتل ملايين العرب والمسلمين في العراق وأفغانستان.
يااه يا خواجة ترامب.. ومن الذى نقل العاصمة الأمريكية إلى تل أبيب ومن دمر حل الدولتين؟! على الجانب الأخر.. حاولت المرشحة المتنافسة على مقعد الرئاسة الأمريكية الإدعاء بمناصرتها للفلسطينين ولكن مواقفها وتصريحاتها كذبتها!
المقصد من كل ما سطرته هنا هو.. لن يكون هناك أية فوارق في الاهتمام بقضايانا نحن الدول النامية أو المتخلفة أو دول العالم الثالث، أيا كان الفائز بمقعد الرئيس الأمريكي خلال السنوات الأربع المقبلة!