الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة "حبر الأمة" عبد الله بن عباس (1 – 3)
في هذه السلسلة، نستعرض الليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
دعا له رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، أن يفقهه الله في العلم والدين، فصار أفقه أبناء جيله من شباب الصحابة، ومن علماء الأمة المعدودين. واختصه بأن حضر لقاء سيدنا جبريل، عليه السلام، بالنبي، صلى الله عليه وسلم.
وشهدت جنازته كرامات لا تحدث إلا مع كبار الأولياء وصفوة الصالحين.
قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أما إنك ستصاب فى بصرك".. وكان كذلك، وهذه من معجزات النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد رُوِي من وجه آخر أيضًا، والله أعلم.
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، (3 ق هـ / 618م – 68 هـ / 687م) صحابي جليل ومحدث وفقيه وحافظ ومُفسِّر، وهو ابن عم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأحد المكثرين لرواية الحديث، حيث روى 1660 حديثًا عن الرسول، ولهُ في الصحيحين 75 حَدِيثًا متفقا عليها.
لازم عبد الله بن عباس الرسول، عليه الصلاة والسلام، وروى عنه، ودعا له النبي، قائلًا: “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”، وقال أيضًا: “اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة”، انتقل النبي، صلى الله عليه وسلم، وعمره ثلاث عشرة سنة، فكان يفسّر القرآن بعد موت النبي، حتى لُقِّب بـ "حبر الأمة" و"ترجمان القرآن"، و"الحبر والبحر".
طلبه للحديث وقراءة القرآن الكريم
طلب عبد الله بن عباس العلم والحديث من الصحابة، وقرأ القرآن على زيد بن ثابت وأبي بن كعب، وكان يسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من الصحابة، كان لابن عباس مجلس كبير في المدينة يأتيه الناس لطلب العلم، وكان يُقسِّم مجلسه أيامًا ودروسًا، فيجعل يومًا للفقه، ويومًا لتفسير القرآن، ويومًا للمغازي، ويومًا للشعر، ويومًا لأيام العرب.
وقد روى حوالي 1660 حَدِيثًا، ولهُ في الصحيحين 75 حَدِيثًا متفقا عليها، وتفرد البخاري له بِـ 110 أَحَادِيثَ، وتفرَّد مسلم بن الحجاج بـ 49 حَدِيثًا.
مولده
ولد عبد الله بن عباس في مكة في شِعب أبي طالب قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات، وهاجر مع أبيه العباس بن عبد المطلب قبيل فتح مكة فلقوا النبي محمدًا بالجحفة، وهو ذاهب لفتح مكة، فرجعا وشهدوا معه فتح مكة، ثم شهد غزوة حنين وغزوة الطائف.
وقد اختلفت الروايات في سنة مولد عبد الله بن عباس، والقول الأشهر أنه وُلِدَ في عام الهجرة إلى المدينة أي سنة 622م، وهو ما يؤيده ما يرويه سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: “مات رسول الله ﷺ وأنا ابن عشر سنين وأنا مختون، وقد قرأت المُحكَم من القرآن“، وكانوا لا يختنون الرجل إلا عندما يبلغ الحلم.
كنيته: أبو العباس. إخوته: له تسعة إخوة من أبيه حسب أغلب المصادر، وهم: الفضل، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وكثير، والحارث، وعون وتمام. وأصغرهم تمّام، وعبد الله هو الأكبر من تمّام مباشرةً. فكان العبَّاس يقول: "وله من الأخوات ثلاثة، هن: صفية، أميمة، أم كلثوم، ويقال لها أم حبيب".
إسلامه
أسلم هو وأمه أم الفضل بنت الحارث قبل فتح مكة بزمن غير يسير، لكنهما لم يهاجرا إلى المدينة المنورة، وكان يتلو ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾. ويقول: “كنت أنا وأمي ممن عذر الله”.
ولم تتح لهما الهجرة إلا عندما أشهر والده العباس إسلامه، وأراد الهجرة قبيل فتح مكة، فخرجا معه، فلقوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالجحفة، وهو ذاهب لفتح مكة، فرجعا وشهدا معه فتح مكة في صبيحة يوم الجمعة 20 رمضان 8 هـ، وبايعه النبي وبايع ابن عباس وهو صغير لم يبلغ الحُلم بعد، يقول محمد بن علي بن الحسين: “أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بايع الحسن والحسين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر وهم صغار، ولم يبقلوا، ولم يبلغوا، ولم يبايع صغيرًا إلا منّا”، (أي من أهل البيت).
صحبته للنبي ورؤيته لجبريل
بعدما هاجر ابن عباس، لزم سيدنا محمدا، صلى الله عليه وسلم، وأخذ عنه، وكانت صحبته للنبي حوالي ثلاثين شهرًا. وكان لقرابته للرسول أثرٌ في ذلك، فكانت خالته ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله، وكان ابن عباس يدخل بيت النبي، ويبيت في حجرة خالته أيامًا، ويقوم بخدمة النبي.
وكان يصف للصحابة كل ما يراه من أفعال سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وأقواله، وذات مرة كان النبي في بيتِ ميمونةَ فوضَعْ ابن عباس له وَضوءًا مِنَ الليلِ، فقالتْ له ميمونةُ: “وضَع لك هذا عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ”، فقال رسول الله: “اللهم فقِّهْهُ في الدينِ وعلِّمْهُ التأويلَ”. وضمّه النبي إلى صدره، وقال: “اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ”.
ويذكر عبد الله بن عباس أنه رأى جبريل مرتين في بيت النبي، فيقول: “رأيت جبريل مرتين، ودعا لي بالحكمة مرتين”. ويروي ابن عباس قصة رؤيته لجبريل فيقول:
“كنت مع أبي عند النبي، صلى الله عليه وسلم، وعنده رجل يناجيه، فقال العباس: ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عني؟ فقلت: إنه كان عنده رجل يناجيه. قال: أوكان عنده أحد؟ قلت: نعم. فرجع إليه، فقال: يا رسول الله هل كان عندك أحد; فإن عبد الله أخبرني أنه كان عندك رجل تناجيه؟ قال: هل رأيته يا عبد الله؟ قلت: نعم. قال: ذاك جبريل “عليه السّلام”.
وكان ابن عباس ملازمًا لسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في مرضه واحتضاره وانتقاله، ووصف الأيام الأخيرة للنبي، وخروج النبي من مرضه إلى الصلاة وخطبته، وصفة وفاة النبي وكيفية غسله والصلاة عليه، وما دار بعد وفاة النبي بين الصحابة.
وقد انتقل رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وعمر ابن عباس ثلاث عشرة سنة، وقيل عشرة، وقيل خمس عشرة، لاختلاف المصادر في سنة مولده، لكن أجمعت المصادر على أنه كان قد خُتِنَ وبَلغ الحُلم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.