الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة حواري رسول الله (2 – 2)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
نعرض في السطور التالية، إحدى حلقات مسلسل الفتنة الكبرى، التي اشتعلت في أواخر خلافة سيدنا عثمان بن عفان، رضي الله عنه، واستغلها أعداء الإسلام؛ مستهدفين هدم الدولة، فاغتالوا الخليفة الراشد، ثم فجروا خلافات حادة بين الصحابة أنفسهم، لكن هؤلاء تنبهوا للمؤامرة، ومنهم الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، فتراجعا عن المشاركة في موقعة الجمل.
موقعة الجمل
بعد مبايعة الإمام علي، خرج طلحة والزبير إلى مكة معتمريْن، ومن هناك خرجا إلى البصرة للأخذ بثأر عثمان.
وكانت وقْعَةُ الجمل عام 36هـ.
وأصاب الحزن عليا، رضي الله عنه، وانهمرت دموعه عندما رأى أم المؤمنين عائشة في هودجها بأرض المعركة، وصاح بطلحة، رضي الله عنه: "يا طلحة، أجئت بعُرس رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تقاتل بها، وخبأت عُرْسَك في البيت؟".
ثم قال للزبير رضي الله عنه: "يا زبير، نشدتك الله، أتذكر يوم مرَّ بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمكان كذا، فقال لك: "يا زبير، ألا تحب عليًّا؟"، فقلتَ: ألا أحبُّ ابنَ خالي، وابنَ عَمِّي، ومن هو على ديني؟
فقال لك: "يا زبير، أما والله لتقاتلنه وأنتَ له ظالم".
فقال الزبير رضي الله عنه: "نعم أذكر الآن، وكنت قد نسيته، والله لا أقاتلك".
اغتيال صحابيين مبشرين بالجنة
أقلع طلحة والزبير، رضي الله عنهما، عن الاشتراك في هذه الحرب. ولكن النهاية كانت مؤسفة لكليهما!!
قفل الزبير بن العوام راجعًا إلى المدينة، وفى منطقة تسمى وادى السباع، جلس ليستجيب لنداء الله، وبينما هو فى صلاته اقترب منه عمرو بن جرموز فقتله غيلة وهو يصلي.
أما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم بسهمٍ أودى بحياته.
تراجع الزبير بن العوام رضي الله عنه عن موقفه من موقعة الجمل حين ذكره علي، رضي الله عنه، بما أخبره به الرسول حين كانا معًا أن الزبير سيقاتل عليًا وهو له ظالم.
ورغم تراجعه عن قتال الإمام علي، فقد تبعه نفرٌ من الذين كانوا يريدون للفتنة دوامَ الاشتعال وطعنه القاتل غدرًا وهو يصلي، وذهب إلى الإمام علي يظن أنه يحمل البشرى، لكنه قال: "بشر قاتل الزبير بالنار"، وحين دخلوا عليه بسيف الزبير، قبله علي وبكى قائلًا: "سيف طالما والله أزال به صاحبه الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
"بشِّرْ قاتلَ ابن صفية بالنار"
وصاح علي رضي الله عنه بعدما علم بمقتل الزبير قائلًا: "بشِّرْ قاتلَ ابن صفية بالنار".
وحين أدخلوا عليه سيف الزبير، رضي الله عنه، قبَّله سيدنا علي، وأمعن في البكاء، وهو يقول: "سيف طالما والله جلا به صاحبُهُ الكَربَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال علي، رضي الله عنه، بعد دفنهما: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال الله فيهم: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ". الحجر: (47).
ثم قال: سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "طلحة والزبير جاراي في الجنة".
وقد قُتل الزبير بن العوام رضي الله عنه في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله ست أو سبع وستون سنة.
وصيته لابنه
أوصى الزبير بن العوام ابنه عبد الله وصية موته في يوم الجمل، إذا دعاه ليوصيه، فقال له: إنه لا يُقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لديني، أفترى دينَنا يبقي من مالنا شيئا؟ يا بني، بع ما لنا، فاقض ديني، فأوصِ بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء، فثُلثٌ لولدك.
وقد لقى الزبير بن العوام رضي الله عنه ربه في جمادي الأولى من العام السادس والثلاثين من الهجرة، رضي الله عنه، وعن الصحابة أجمعين.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.