مِلَاية لَف
في عام 1956 شارك فيلم شباب امرأة في مهرجان كان، وذهب أبطال الفيلم ومخرجه المبدع صلاح أبو سيف إلى هناك، وعلى السجادة الحمراء سارت بطلته الفنانة الراحلة تحية كاريوكا وهي ترتدي الملاية اللّف زِيّ شفعات في الفيلم..
لم ترد تحية -رغم احتواء حقيبة سفرها على فساتين أنيقة- لفت انتباه الحضور من نجوم ونجمات السينما العالمية والإعلام العالمي بفستان فخم صممه بيت أزياء شهير، تدخل به في منافسات كتلك التى تحدث هذه الأيام، مَنْ هي صاحبة الفستان الجاذب للانتباه والأكثر إثارة للجدل على المواقع الصحفية وصفحات التواصل الاجتماعي، وإنما أرادت ذلك بمصريتها وزي بنت البلد وهي الصفة التي عرفت بها تحية كاريوكا في الوسط الفني والثقافي بل والسياسي أيضًا.
وفي عام 1965 ذهبت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة إلى نفس المهرجان بفيلم الحرام المأخوذ عن قصة الدكتور يوسف إدريس سيناريو وحوار الاستاذ سعد الدين وهبة وإخراج هنري بركات.. ذهبت وهي ترتدي فستانا يعكس إلى أي مدى كانت البساطة هي روح الفن والحياة في زمانها، فجاءت أناقته من بساطته تزينه قلادة ذات تفاصيل فرعونية إظهارًا للهوية وفخرًا بتاريخ وحضارة.
إنهما نموذجان على سبيل المثال لا الحصر لفنانتين مصريتين أَثْرَت أعمالهما الشاشة الفضية وذكرهما تاريخ السينما بأعمال ضمن أفضل مائة فيلم.
ذهبت كل منهما إلى كان أحد أكبر خمس مهرجانات السينما في العالم وهي تعرف تمام المعرفة إنها ستلتقي نجمات السينما العالمية، اللاتي لهن من الشهرة نصيب كبير يرتدين ملابس من تصميم أشهر بيوت الأزياء وقتها، ولكن ذلك لم يحرك شهوة المنافسة ولا حب الظهور ولفت الانتباه.
إن ما نراه على السجادة الحمراء في مهرجانات السينما هذه الأيام هو أقرب إلى عرض أزياء.. منافسة في ارتداء كل ما هو خارج عن المألوف عرفًا وفنًا.. مباراة الخاسر فيها هم النجوم أنفسهم بما يحدث من خلل وتشويش في صورتهم الذهنية لدى الناس.
إن نجمات ونجوم السينما المصرية في عصرها الذهبي كانوا يذهبون إلى المهرجانات حاملين على أكتافهم تاريخًا وحضارة فنية وإنسانية اعتبروا انتماءهم لها هو الجائزة الكبرى..
في عقولهم فكر وثقافة ووعي بقيمة الفن ورسالته.. بحصاد كتب قرأوها وصالونات ثقافية كانت جزءًا من تفاصيل حياتهم تكتسب بريقها من حضور نجوم الثقافة والصحافة والإعلام في عصرهم.. بإدراك أن السير على السجادة الحمراء مسؤولية لها احترامها.. وتقليدًا له أصوله وقواعده وأن المهرجانات عرسًا للفن والثقافة معًا وليس عرضا لأزياء لا تعكس ثقافة ولا فنًا.