رئيس التحرير
عصام كامل

أرْكَب الحنطور

أن تخشى وضع رأسك على وسادتك من كثرة ما تحمله من هموم مزعجه.. أن يصبح نومك عزيزًا من طيلة التفكير في حلٍ لمسألة حسابية مستعصية تضعك دائمًا في مأزق محاولات جمع لقواك الوهِنَه وطرح لهمومك التي هي كالجبال.. أن تتحول تفاصيل يومك إلى ما يشبه المرض المزمن الذي لم تعد تحتمل ألمه ولا تستطيع التعايش معه..


صورة تراها كلما حاولت النظر في مرآة حياتك التي لم تعد مستوية كما كانت بسبب سماوات القرارات الحكومية التي تمطر علينا سيولًا بين الحين والآخر دون إدراك بأننا نلتحف خلاء جيوبنا.. نتوسد قلة حيلتنا.. 

 

نغمض أعيننا بالكاد خشية أن نستيقظ على كابوس رفع جديد لسعر سلعة أو خدمة، والتي كان آخرها  حتى الآن رفع أسعار المحروقات التي أشعلت فينا نيران العجز عن مواجهة صعوبات أيامنا أو حتى التأقلم معها.. ولكن للحقيقة يُحسب للحكومة أنها مُقِرة ومُعترفة بأن رفع الأسعار مؤلم وقاس، وإن مفيش حكومة بتحب ترفع الأسعار..


والسؤال مؤلم لمن؟! لكم عندما تتخذونه أم لنا عندما نتحمل تبعاته؟! وهنا وجبت الإشارة إلى خبر نشرته صفحة مجلس الوزراء في 28 ديسمبر 2020.


يقول الخبر: إن سعر لتر البنزين 80.. 6.25جنيه وبنزين 92.. 7.50حنيه وبنزين 95..8.50 جنيه وسعر لتر السولار6.75، وهذا يعني أن الحكومة رفعت وهي في شدة الألم أسعار المنتجات البترولية في أربع سنوات تقريبًا الضعف وأكثر قليلًا.

 
ونعود لطرح الأسئلة.. كم سلعة سيزيد سعرها بالتبعية؟! هل زادت الرواتب بنفس قدر الزيادة  في أسعار السلع والخدمات المقدمة للناس دافعي الضرائب؟! لماذا تأتينا القرارات الحكومية الخاصة برفع الأسعار عند استياقظنا من نوم بات مؤرقًا من خوف أن تطلع شمس نهارنا بقرارات الرفع تلك؟!! 

 

ما الفائدة العائدة علينا من حجم الألم والمرارة في صوت السادة المسؤولين في الحكومة وهم يزفون لنا قراراتهم؟! ولماذا لا يكون هذا الألم هو مداد أقلامهم الموقعة على القرارات علّها تتراجع؟! متى سيخرج علينا أحدهم ليعقد لنا مقارنة بين سعر البنزين عندنا وسعره في كوكب زحل؟!
 

هي أسئلة تشبه إلى حد بعيد أسئلة امتحانات وزارة التربية والتعليم تلك التي تدخلك في دائرة من الحيرة واللا منطق إذا ما حاولت الإجابة عليها أو حتى مجرد التفكير.. ربما لأنها تعكس إلى أي مدى أصبح المنهج عصيًا على الفهم وأسئلته بلا إجابات لديك.

 
ولكن يبدو أنه هناك بقعة ضوء في الأفق ألا وهي قرار محافظة الدقهلية بالعودة إلى استخدام الحنطور والذي ربما جاء على أثر ارتفاع أسعار البنزين، وهو قرار رغم أنه تفكير خارج كل الصناديق إلا أنه في ظني  ظاهرة حل لأزمة وباطنه زيادة لها..

 

وأراه يدخلنا في دائرة الأسئلة مرة أخرى.. هل سنضع تسعير لأجرة الحنطور وما هي آليات مواجهة عدم الإلتزام بها؟ هل لدينا عددًا كافيا من الحناطير؟ وفي حال ارتكابها مخالفة فما هي آلية الحساب؟وهل سنقيم لها موقفا وممرات سير أم نتركها للعشوائية؟ هل لدينا تصور ماذا سنفعل بمخلفات الخيول التي تجر عربات الحنطور أم سنتركها تملأ الشوارع وتلوث بيئة لديها ما يكفي من ملوثات؟
 

 

إن الأهم من كل تلك الأسئلة أن من سيقرر ركوب الحنطور سيجد نفسه تلقائيًّا ودون عناء يُغني أركب الحنطور واتحنطر.. في لقطة أخرى تضاف لعبثية المشهد.

الجريدة الرسمية