من المهم أن يجد قبولا من الناس! (1)
من الخطأ النظر إلى الإعلام والصحافة والدراما بوصفها مشاريع تجارية قابلة للربح؛ وننسى ما تلعبه من دور خطير في تشكيل الوعي وصون الرأي العام، الذي بات أحد أهم مقومات الأمن القومي لأي دولة؛ فالإعلام والدراما يمكن أن يبعثا برسائل إيجابية للمجتمع بشكل أكثر فاعلية من الحوارات المغلقة، والسؤال: أي دراما وأي إعلام يمكنه التأثير في عقول الناس ووجدانهم؟!
والسؤال بصيغة أكثر تحديدًا: هل يمكن للإعلام والدراما بصورتهما الحالية في مصر أن ينقلا للجمهور رسائل الدولة كما ينبغى؟ وهل توفر الحكومة البيئة الخصبة لنمو الإعلام ووصوله لأهدافه وغاياته في التوصيل والتأثير؟!
وإذا توفر التأثير فكم قناة وكم مذيعا وكم عملًا دراميًا يلتف حوله الناس، ويصدقونه ولا يضطرون لإدارة الريموت عنه؛ بحثًا عن مصادر أخرى تشبع رغباتهم في المعرفة؟! وكم برنامجًا أو مسلسلًا يمتلك صناعه الرؤية والقدرة على صياغة العقل والوجدان برسائل وطنية تنويرية تجيب عما يجول بخاطر الناس في اللحظات الحرجة؟ وبأي رؤية يعمل إعلامنا هل بمنطق ما يجب أن يعرفه الناس أم بمنطق ما يطلبه المستمعون؟ وبينهما فارق عظيم لا يستهان به!
أهم ما نحتاجه اليوم تعزيز تماسك جبهتنا الداخلية في إقليم شديد الاضطراب جيو سياسيًا بدرجة غير مسبوقة؛ فحدودنا الاستراتيجية لا تكاد تسلم من ذلك التوتر والصراع والحروب التي تأثرنا بها ولا نزال؛ اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا؛ الأمر الذي يستلزم الوعي الشعبي بخطورة التحديات، وخطورة الاستسلام لحرب الشائعات التي تسعى لتوهين الروح المعنوية ليس لشعبنا وحده بل لشعوب الأمة بأسرها في منعطف بالغ الخطورة للصراع العربي الإسرائيلي!
الإعلام مصدر للأخبار، ووسيلة للترفيه والمتعة والتسلية يسعى لتخفيف حدة الضغوط لكنه يحمل في طياته رسائل إقناع؛ ولا يقنع إلا المقنع، وهو حلقة وصل تربط الأفراد بعضهم ببعض داخل المجتمع وتربط الأفراد بالدولة أيضًا كما يقدم المعرفة والعلوم والثقافة لصناعة نهضة وحراك مجتمعي يقود إلى النشاط والتفاعل الإيجابي والصحوة.
هذا الإعلام هو رأس الحربة في كل معركة، فإذا نجح في تمهيد الأرض للمعركة تحقق النصر، وهو نصر لا يتحقق إلا برؤية صائبة متكاملة يصنعها ذوو حس سياسي سليم وعمق تاريخي وقدرة على قراءة المستقبل والتفاعل مع معطيات الحاضر ومتغيراته، رؤية تعصمه من الوقوع في شراك أصحاب المال والأجندات.. فهل يرقى إعلامنا وأعمالنا الدرامية لمستوى التحديات في التعبير عن شواغل الوطن وهموم المواطن؟!