اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله!
تعلمنا منذ الصغر أن ننزل الناس منازلهم؛ وهو ما يعنى أن نعاشر الخلق بحسب منازلهم، فالكبير له التوقير والاحترام، ونعامل الصغير بما يناسبه من رحمة ورقة، أما النظير فنعامله بما يحب أن يعامل به، وللأم حق خاص بها، وللزوجة حق آخر، ويعامل من يُدل عليه ويوثق به ويتوسع معه ما لا يعامل به من لا يوثق به ولا يدل عليه..
ويتكلم مع الملوك وأرباب الرئاسة بكلام لين يناسب مراتبهم، ولهذا قال الله تعالى لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}(طه: 43-44)، ويعامل العلماء بالتواضع لهم والتوقير والإجلال بما يناسب مقام التعلم، وإظهار الافتقار والحاجة إلى علمهم النافع، وكثرة الدعاء لهم.
لكن في المقابل هل ندمت يوما على إنسان أعطيته قيمة كبيرة، وفي النهاية اكتشفت أنه لا يستحقها.. وفي هذه الحالة ماذا يمكنك أن تفعل؟!
من الأفضل أن تتعامل مع الموقف بهدوء ونضج؛ من الوارد أن تشعر بخيبة أمل أو إحباط فور أن تكتشف أن شخصًا ما لم يكن يستحق القيمة الكبيرة التي أعطيته إياها، لكن عليك بعد تقدير الموقف ألا تطيل الشعور بالإحباط أو الحزن حتى لا يؤثر ذلك عليك ويصرفك عن أهدافك الحقيقية، ومن المهم أن تبادر بإعادة تقييم علاقتك بهذا الشخص الذي خيّب أملك والتفكير فيما إذا كان يستحق الاستمرار معه في تلك العلاقة أم لا!
وفي كل الأحوال عليك التعلم من التجربة؛ فكل تجربة في الحياة تعلمنا شيئًا ما، ثم ضع حدودًا أكثر وضوحًا في المستقبل، وعليك أن تتقن فن ترك المسافات بينك وبين من لا تطمئن إليه، أو لا تأمن جانبه..
أما إذا رأيت أن لكل جواد كبوة وأننا لسنا معصومين فعليك بإعطاء فرصة لهذا الشخص إذا شعرت أنه يستحق التحدث إليه مرة أخرى حول ما تشعر به، فقد يساعد الحوار في توضيح الأمور أو تحسين العلاقة أو رأب الصدع وإزالة سوء التفاهم بينكما.. فإذا تبين أن العلاقة ليست مفيدة لك أو غير متوازنة، فالمضي قدمًا قد يكون الخيار الأفضل.
وفي كل الأحوال لا يمنعك سوء خلق الناس أو سوء تصرفاتهم معك أن تحسن إليهم؛ فقد قال الإمام على كرّم الله وجهه "اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن صادف أهله فهو أهله، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله".