رئيس التحرير
عصام كامل

حملة المفاخر وحملة المباخر! (1)

أصحاب الأقلام والميكروفونات والصفحات المؤثرة في الناس على خطر عظيم، فالكلمة كالسهم إذا انطلقت فإما أن تهدي وإما أن تهوى إما أن ترتفع لصاحبها لمقام كريم أو تنحط به لأسفل سافلين! 
إن عقل الكاتب في قلمه؛ فالقلم ترجمان العقل، وما يجود به العقل، يترجمه القلم..


القلم يبنى صرح الحضارات، ويحرك عجلة المجتمع، ويؤسس الوعي أو يزيفه، يصون الأخلاق أو يهدمها.. القلم يشرح ببكائه صرخة الحياة وآلام الإنسان، وتعبر ابتساماته عن الحب وحيوية الحياة وشتى صور الجمال.


أصحاب القلم هم صناع الأفكار والخيال، والنهضة إن هم أحسنوا القول وتخيروا موضوعاتهم وتبنوا قضايا أمتهم.. القلم إذا حمله أصحاب الضمير صار للخير بشيرًا، وإذا وقع هذا القلم بأيدٍ جفاة جرت سيول الدماء من قطرات دموعه، كما تكون ابتسامته استهزاءً بأنبل القيم الإنسانية.


فما أكثر الظلم والجور والجرائم التي ترتكب بمداد القلم! وهنيئًا للأقلام التي تتحرك في خط الحق والعدل والعلم والمعرفة والإنسانية وتنتج الخير والفضيلة.


إذا كنت من حملة الأقلام، فاعلم أنك مسئول عما تخطه أناملك وقد أقسم الله به، في سورة سُميت باسمه بدأها الله سبحانه وتعالى بقول "ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ"، هناك قلم يحرر العقول من ظلمات الجهل والخرافة والنفاق.. 

وهناك قلم يقرر ويحسم أمره من البداية فينحاز لما يعتقده صوابًا، ولا يعرف المداهنة ولا المهادنة يحسم كل موقف ولا يقف في المنتصف أو يمسك العصا من المنتصف، وما أكثر من يمسكون العصا من الوسط؛ وهؤلاء تضيع الحقائق على أيديهم وتتوه العقول في دروبهم..

هؤلاء من يضلون الناس على علم.. وهناك قلم يبرر.. وقلم يحاول أن يمرر ما يتفق مع المصالح الخاصة أينما سارت، ولا يرى غضاضة في تبنى الشيء ونقيضه..هناك قلم أمير لا يصدر إلا عن قناعة وإيمان.. وقلم أجير يهلل لمن يدفع، وهذا قلم أسير لا يصدر عن قناعة ولا يملك إلا السمع والطاعة. 


هناك قلم يستفز العقول ويثير المعارك ويفتح الآفاق للاختلاف والتنوع؛ وهذا صوت العقل والضمير إذا انحاز للحق واستهدف الصالح العام؛ فيثور على الأفكار البالية والعادات الباطلة، يقرع الطبول وينبه لمواطن القصور ويتحمل الأذى من أهل الباطل وزبانية التخلف الذين يريدون بقاء الحال على ما هو عليه؛ وليس في الإمكان أفضل مما كان!

 


ويبقى أن كل صاحب كلمة نافذة مسئول عما يصدر عنه أمام الله وأمام الناس وأمام ضميره.. فاعتبروا يا أولى الأبصار!

الجريدة الرسمية