قل للذي ظلمك!
لو يعلم الظالم أن المظلوم سيشكوه إلى الله ما ظلم.. ولو يدرك الشامت في مصيبة غيره أن الأيام دول وأنه سيشرب يومًا من الكأس نفسها التي سقى منها غيره ما شمت، الدنيا دوارة تصيب الظالم بما ظلم والشامت بما شمت والمسيء بما أساء "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ"..
فلا تحزن أيها المظلوم.. ولا تفرح أيها الظالم؛ فربك أعدل العادلين و"إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ"، وكما تدين تدان حتى وإن طال الزمان.. وكما فعلتَ بالناس سيُفعلُ بكَ كيفما كان، فكل ساق سيسقى بما سقى ولا يظلم ربك أحدا.. هذا عدل الله الذي لا يتأخر..
فإعمل يابن ادم افعل ما شئت فإنك علي موعد مع الله بمفردك.. "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ".
إحذر أن يشتكيك أحد إلى الله؛ فإن دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويقول لها "وعزتى وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين".. يقول الله في كتابه الكريم "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ"..
والله سبحانه وتعالى قد يغفر ما بينك وبينه إن شاء، وقد يسامح -سبحانه- في حقوقه لكنه أبدًا لا يسامح فيما بينك وبين الناس، إلا أن يعفوا هؤلاء عن الإساءة ويسامحوا من ظلمهم.. بغير ذلك لن تمر مظلمة؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء -التي بدون قرون- من الشاة القرناء"..
فإذا كان الله تعالى سيقضي بين الطيور والحيوانات يوم القيامة وهي بغير عقل ولا أمانة فكيف بأصحاب العقول والأمانة.. يقول الله تعالى:" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " (الأحزاب:72)
فقل للذي ظلمك إن حقي عند الله وما عند الله آت، وقل للذي ظلمك إن الله لا ينسى ولا تخفى عليه خافية، وقل للذي ظلمك إن الله يمهل ولا يهمل، وقل للذي ظلمك وعند الله تجتمع الخصوم، وقل للذي ظلمك أن الظلم ظلمات يوم القيامة، اللهم إنا نعوذ بك من دعوة مظلوم تسري فى الظلام وترفعها فوق الغمام ونحن عنها نيام.