رئيس التحرير
عصام كامل

من الآيات القرآنية الجامعة (6)

لازال الحديث عن الأمر الإلهي بالإحسان مستمرا، يقول تعالى "وَإنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ". فماذا تعني معية الله؟ معية الله تعالي تعني كنفه سبحانه وتعالى، ونظره جل جلاله بعين العناية الإلهية، ومن يقيمه عز وجل في معيته فهو الآمن المؤمن المحفوظ والممدود والمنصور والمؤيد، وهو المهتدي السالم من شرور النفس وأهوائها، وميلة طبعها ومن الشيطان فلا سلطان عليه من جميع الخلق.

 

وهو المحفوظ من فتن الدنيا وغرورها، وهو المهتدي الراشد الرشيد الملازم لخط الإستقامة والمقام في عين الكرامة، وهو الناطق بذكر الله تعالى، الحافظ لحدوده والصابر على إبتلاءه والراضي بقضاءه سبحانه، والشاكر لأنعامه، وهو الموصول بسيدنا الرسول الكريم صلى الله على حضرته وعلى آله وصحبه أجمعين..   

 

وهو المفاض عليه من الله تعالى والممنوح العلوم اللدنية والمعارف الربانية والحقائق والرقائق والمعاني والفهم الرباني، وهو الذي تحقق بالعبودية وأدرك حقيقة التوحيد والأحدية والواحدية، وهو صاحب الهمة العليا في الإقبال على ربه تعالى ومولاه جل في علاه. والتابع لسيد البرية والذي لا تشغله عطية.. 

 

وهو الناطق بالمدح والثناء على الله، والمشاهد لآيات الله بعين بصره وبصيرته، وهو المؤتى الحكمة من الله جل جلاله، وهو أسير الله فنطقه بالله، وحركته بالله وسكونه بالله، جسده مع الخلق وقلبه مع الخالق سبحانه، وهو الذي خشعت جوارحه وإطمئن قلبه وإنشرح صدره وهدأت وتزكت نفسه وإستراح باله.. 

 

ومن أقامه مولاه في معيته أذهب عنه عز وجل كل وصف زميم وحلاه وجمله بكل وصف مليح كريم، وأذهب عنه الهم والحزن فلا هم له ولا حزن لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهو الذاهب في الله تعالى الغارق في أنواره، وهو العاشق لسيدنا ومولانا رسول الله وأهله الأطهار، وهو العبد الرباني المتخلق بأخلاق إمامه وسيده وقائد ركبه وباب وصوله إلى حضرة مولاه.. وهو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله. 

 

وهو الذي تحقق بالتخلي والتحلي والتجلي. وهو الذي توفت نفسه وصلى عليها صلاة الجنازة، وهو الناظر بعين الحقيقة للخلق بأنهم موتى، وهو الذي أحيا الله قلبه وإنار عقله وزكى فهمه، وهو صاحب الفراسة الذي يرى بنور الله تبارك في علاه.. 

 

 

وهو من أخلص في محبته وصدق في طلب محبوبه فسار إليه بكليته وأقبل عليه سبحانه على خطى وهدي الحبيب صلى الله على حضرته وعلى آله وسلم، فألقى الدنيا من وراء ظهره وأيقن بأن ما سوى الله تعالى باطل، وتحقق بحقيقة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير، وأنه تعالى صاحب القدرة والإرادة والمشيئة، وأن له سبحانه الأمر من قبل ومن بعد. 

وأنه جل جلاله فعال لما يريد، ولا يقع في ملكه سبحانه إلا ما شاء وقدر. وهو الزاهد فيما سوى ربه تعالى ومولاه، وهو الملبي لله تعالى على الدوام.. وهو المرحوم والمكرم من الله عز وجل.. هذا وللحديث بقية بمشيئة الله.

الجريدة الرسمية