رئيس التحرير
عصام كامل

القوي

دستور الأنبا موسى (1)

وصى الأنبا موسى الأسود الأنبا بيمن بسبع نصائح ذهبية، ربما نستطيع أن نطلق عليهم دستور الأنبا موسى الأسود لحياة هادئة ومثمرة مع الله والنفس والبشر، فهي لم تترك جانب من نواحي الحياة المختلفة إلا وتتطرق لها هذا الأب العظيم في جهاده وحياته.


حب الله

قال له: "كما هو مكتوب على الإنسان أن يحب الله من كل نفسه ومن كل فهمه"، وقوله هذا كان كالوصية الموجودة في الكتاب المقدس في سفر التثنية كما قال: "فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ" (تثنية 6: 5)


فنحن عندما ندرك عظمة حب الله لنا، نفهم أن هذا الحب ليس مجرد واجب من الناحية الروحية، بل هو استجابة طبيعية لعطاء الله اللامتناهي في كل أمور حياتنا. وعندما نقول أن نحب الله من كل قلبنا يعني أن نكرس له كل أفكارنا، مشاعرنا، وقراراتنا. 


وبمعنى آخر أن نبحث عنه في كل لحظة ونضعه في مركز حياتنا، ونعيش كما اوصانا المسيح عندما عاش بيننا عندما قال: "فَاطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ." (متى 6: 33). ففي حب الله نكتشف معنى الوجود الحقيقي، ونعيش بسلام وفرح داخليين لا يمكن أن يمنحنا إياهما أي شيء آخر.


حب قريبك

وكانت المادة الثانية في دستور الأنبا موسى الأسود للأنبا بيمن تقول: "على الإنسان أن يحب قريبه كنفسه" وهي الوصية الموجودة في سفر اللاويين، عندما قال عن تلك الوصية:"تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ." (لاويين 19: 18). 

 

وتلك الوصية هامة جدًا فمحبة القريب ليست مجرد شعور، بل هي فعل ملموس يظهر في تعاملاتنا اليومية. هذا الحب يتجسد في العطاء والتضحية، في الاهتمام بالآخرين والوقوف بجانبهم في أوقات الشدة. كما قال بولس الرسول: "إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ" (رومية 12: 18). فالحب الحقيقي هو أن نتعامل مع الآخرين كما نود أن يعاملونا، نتحمل ضعفاتهم ونسعى لفهمهم ومساعدتهم.


البعد عن الخطية

أما عن الشر والخطية، فأوصى الأنبا موسى الأسود قائلًا: "على الإنسان أن يموت عن كل شر"، تنفيذا لقول معلمنا بولس الرسول في رسالته لأهل رومية عندما قال: "كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ، وَلكِنْ أَحْيَاءً للهِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (رومية 6: 11).

 

 

الموت عن الشر يتطلب منا اتخاذ قرار حاسم بفصل أنفسنا عن كل ما يخالف مشيئة الله. هذا القرار يقتضي جهادًا روحيًا مستمرًا، فنحن نقف في وجه تجارب العالم ونقاومها بقوة الروح القدس. كما قال بولس الرسول: "نَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" (2 كورنثوس 5: 14). 

في هذا الموت الروحي، نجد حياة جديدة مليئة بالنعمة والسلام عندما نبتعد عن طبيعة الخطية ونعيش بالنعمة التي وهبها المسيح لنا بموته على الصليب من أجلنا.

الجريدة الرسمية