أحوال أهل الجنة وأهل النار
تمر بنا وتدور عجلة الأيام وتسرق منا أعمارنا في رحلة حياتنا الدنيوية في دار الابتلاء والاختبار، رحلة الأنفاس المستقطبة والمقدرة أزلا والتي سوف تنتهي بنهاية الأجل وتوقف الحياة والرحيل والانتقال إلى عالم البرزخ أول منازل الآخرة، ومنه نبدأ رحلة الآخرة.
وهذه البداية إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار كما أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وليس بعد عالم البرزخ سوى عالم الآخرة، عالم الخلد والديمومية حيث يمنحنا الله تعالى من صفاته الذاتية.. صفة الديمومية والخلد والبقاء.
وحيث صحف الأعمال والموازين والحساب وحيث لا موت ولا فناء. يقول تبارك في علاه "فَأَمَّا مَنۡ أُوتِیَ كِتَـٰبَهُۥ بِیَمِینِهِۦ ٧ فَسَوۡفَ یُحَاسَبُ حِسَابا یَسِیرࣰا ٨ وَیَنقَلِبُ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورࣰا"، "وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ".
هذا وقد يغفل الكثير منا عن أنه الآن يعيش في دار الفناء وأن كل ما يفعله سيحاسب عليه وتتفاوت أحوالنا عند الوقوف للحساب "يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ"، فمنا أصحاب الوجوه النيرة المستبشرة الناظرة إلى وجه الله تعالى الكريم، وهي وجوه عباد الله الصالحين الذين تأدبوا مع الله تعالى في دنياهم واستقاموا على دينه وشريعته، واهتدوا بهدي سيد الأنام عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
يقول سبحانه وصفا لحالهم: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ" ويقول عز وجل "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ".. ومنها أصحاب الوجوه المظلمة العابثة السوداء التي ترهقها قترة الناكسة الرؤوس من الغزي والإهانة والمذلة، وهي وجوه أهل الكفر والنفاق والشرك والإلحاد.
يقول تعالى وصفا لحالهم "وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41)" ويقول سبحانه "وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ".. يندمون ويسئلون الله تعالى أن يرجعهم إلى الدنيا من جديد وغاب عنهم أن الدنيا قد فنيت ونسوا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم “الدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل”.