ما بعد رأس الحكمة!
لاشك أن مشروع رأس الحكمة الذى تم توقيع الاتفاق الخاص به اليوم هو نوع من الاستثمار الأجنبي الذى نحتاجه أفضل كثيرا من بيع شركات ومشروعات استثمارية قائمة وتحقق أرباحا.. فهو يتضمن ضخ أموال كبيرة بالنقد الأجنبي من الخارج إلى داخل البلاد.. فضلأ عن أنه سوف يوفر فرص العمل لأعداد كبيرة من المصريين خلال فترة تنفيذ هذا المشروع، وعدد آخر من فرص العمل الدائمة التى يحتاجها المشروع بعد تنفيذه.
والأهم من ذلك كله لاشك أن هذا المشروع سوف يساهم في انفراج الأزمة الدولارية التى نعانيها منذ العام الماضى ووصلت ذروتها فى بداية هذا العام.. فهو يضمن ضخ نحو 24 مليار دولار من الخارج إلينا في غضون شهرين، فضلا عن تنازل الإمارات عن نحو 11 مليار دولار من ودائعها لدى البنك المركزى المصرى التى دعمت احتياطيات البنك المركزى من النقد الأجنبي..
وهذا المبلغ الكبير من النقد الأجنبي الذى سيدخل مصر سوف يسهم في انفراج الأزمة الدولارية، ويساعد على التخلص من السوق السوداء للعملة وينهى وجود سعرين للجنيه، ويعيد الاستقرار للأسواق ويساعد على كبح جماح التضخم، وبالتالى يمنحنا فرصة التقاط الأنفاس بعد موجات عنيفة من الغلاء تعرضت لها البلاد وعانى منها عموم المصريين.
ولعل ذلك يتيح لنا فرصة مناسبة للتفكير مجددا في عمليات بيع الأصول والشركات والمشروعات الاستثمارية القائمة ونسمع نصيحة مديرة صندوق النقد الدولي بالتريث في هذا البيع حتى لا نضطر لبيع أصولنا بأسعار رخيصة لأننا نبيعها تحت الضغط.. ضغط الحاجة لنقد أجنبي..
كما لعل ذلك يجعلنا نفكر في حل دائم لأزمة النقد الأجنبي.. لآن الأموال الدولارية التى سوف تضخ في إطار مشروع رأس الحكمة سوف تساعدنا على تغطية الفجوة الدولارية هذا العام، الذى يعد العام الأكثر في التزاماتنا الدولارية المتمثلة في أقساط وفوائد الديون الخارجية..
وهذا الحل الدائم يتحقق بتخفيض إنفاقنا من النقد الأجنبي وزيادة مواردنا من النقد الأجنبي، وذلك بتخفيض وارداتنا وزيادة صادراتنا والتخلص من العجز التجاري، وذلك يتحقق باستثمار صناعي وزراعي كبير داخلي وخارجي، وليس سياحيا فقط يجعلنا نتخلى عن بعض وارداتنا ويزيد من صادراتنا.