الإسلاموفوبيا.. وجه آخر للتطرف!
إحراق نسَخ من المصحف الشريف في السويد وهولندا والدنمارك هو شكل من أشكال الإسلاموفوبيا الدنيئة وصناعة الكراهية؛ ويمكن تعريف الإسلاموفوبيا بأنها الخوف الجماعي المرضي من الإسلام والمسلمين، إلا أنها في الواقع وبفعل عوامل عديدة تحولت إلى نوع من العنصرية الممقوتة الممنهجة التي تناقض دعاوى الحضارة الغربية التي صدعتنا بالحديث عن احترام حقوق الإنسان وحرية الاعتقاد وتجافي روح وجوهر الأديان.
ثم أين دعاة الحقوق والحريات مما يجري ولماذا لا ينتفضون إذا ما جرى استفزاز مشاعر المسلمين والتعدى على مقدساتهم سواء ب حرق المصحف كما حدث في أوروبا أو باقتحام الأقصى الشريف من جانب الاحتلال الإسرائيلي أو حتى بانتهاك حقوق الأقليات المسلمة في أماكن متعددة حول العالم.. بينما تقوم الدنيا ولا تقعد إذا ما انتقد أحد السياسات الإسرائيلية في الاستيطان وهضم الحق الفلسطيني وجرى إدراجه في خانة الإرهاب والعداء للسامية فأين العدالة والإنصاف؟!
الإسلاموفوبيا واستفزاز المسلمين
الإسلاموفوبيا تحولت إلى جملة من الأفعال والمشاعر والأفكار النمطية المسبقة المعادية للإسلام والمسلمين، فإذا وضعنا هذه الظاهرة الممقوتة إلى جوار ظاهرة أخرى لا تقل عنها سوءًا؛ وهي التحدي اليميني؛ العنيف وغير العنيف في أمريكا وأوروبا وإسرائيل الذي أصبح أكثر بروزًا على مدى نصف العقد الماضي سواء في الخطاب العام أو في صعود الحكومات اليمينية لسدة الحكم في تلك الدول ندرك أي طريق تسير فيه الإنسانية وأي تناقض وتهافت تعيشه الحضارة الغربية!
السماح بحرق المصحف في دول أوربية فوق أنه ينطوى على استفزاز لمشاعر المسلمين الذين يبلغ تعدادهم نحو 1.6 مليار نسمة فإنه نكسة وردَّة تنسف مبادىء قبول الآخر وجهود التعايش السلمي بين الأديان وتعيدنا للعصور الوسطى وتشعل مشاعر الحقد والكراهية بين أتباع الديانات وتحيي نعرات التعصب التي يتلقفها المتطرفون في كل جانب لحرق الأرض تحت أقدام السلام والمحبة.
وشتان بين ما يفعله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي تبنى مع البابا فرانسيس بابا الفاتيكان وثيقة الأخوة الإنسانية التى تدعو جميع الشعوب من جميع الثقافات والأديان والمذاهب إلى تبنّى ثقافة الحوار وتعزيز العلاقات ونبذ العنف وبناء الجسور وسدّ الفجوات.. وبين ما تفعله حكومات في الغرب وإسرائيل حين تسمح لنشطاء اليمين المتطرف باستفزاز مشاعر المسلمين عبر ارتكاب أعمال إجرامية عن قصد لاستهداف المسلمين، وإهانة دينهم الحنيف، وقيمهم ورموزهم المقدسة.
وكان الأولى بالحكومات المعنية اتخاذ إجراءات عقابية صارمة، ولا سيما أن مثل هذه الاستفزازات قد تم ارتكابها مرارًا وتكرارًا من قِبل المتطرفين اليمينيين في بلدانهم، وهي استفزازات يجب ألا يُنظر إليها على أنها مجرد حوادث عابرة من مظاهر الإسلاموفوبيا بل هي ترسيخ للتعصب وصب مزيد من الزيت على نار التعصب الدينى.
ما يحدث تحت رداء الإسلاموفوبيا يكشف زيف ما يدعيه الغرب من دعاوى المدنية وحقوق الإنسان وحرية الأديان فقد جرى سحق هذه المباديء تحت أقدام التعصب البغيض.. فأين عقلاء الغرب مما يحدث.. وكيف تسمح ضمائرهم بما يحدث من إزهاق لروح التسامح التى هي جوهر الأديان وضمانة التعايش بين بني الإنسان.. ومن المستفيد من التجرؤ على الأديان وإشعال نار التوتر والصراعات في العالم.