رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام الذي فقد ظله!

فارق كبير بين الإعلامي زمان والإعلامي اليوم.. زمان كنا نجد قارئا جيدا للأحداث ومثقفا يحيط بالموضوع الذي يناقش فيه ضيوفه، ومعدون على أعلى درجات الكفاءة، حتى يستطيع المذيع أن يجاري ضيوفه ويستخرج للمشاهد أفضل ما عندهم، وحتى لو استضاف مسئولًا كبر أو صغر كان يحاصره بأسئلة تهم الناس دون أن يتم الاتفاق المسبق عليها.. 

فمثلا الإعلامي الكبير أحمد فراج الذي اشتهر ببرنامجه المميز (نور على نور) ونجح في استضافة قامات رفيعة أمثال إمام الدعاة الشيخ الشعراوي، الذي لا يمل المشاهد حديثه ولا يشبع من فيض علمه وعمق ثقافته وشمولها.. وكم كانت ولا تزال خواطر الشيخ الشعراوي مثار إعجاب ومتابعة الملايين المشاهدين في مصر وخارجها.. وما أكثر ما كنا نستمتع بالمفكر العظيم الراحل الدكتور مصطفى محمود في برنامجه العلم والإيمان.. فأين ذهبت تلك الدرر؟!
 

تمكن المذيع وإلمامه بقواعد المهنة وأصولها، يجعله مثار احترام ضيوفه ومشاهديه ليخرج أفضل ما عنده وما عند ضيوفه؛ فمثلا فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم شاهدت له على قناة ماسبيرو زمان حلقات تلفزيونية نادرة وثرية وممتعة، كان يتجاذب فيها أطراف الحديث مع علماء الأزهر، ويغوص في قضايا العصر من منظور ديني وسطي ومعتدل يسبق زمانه، وهو الأستاذ المتمكن في علم الحديث.. هكذا يكون المذيع القدير الكفء الذي يبني جسور التواصل وصروح المصداقية مع المشاهدين.

كما أتذكر بشيء من الاعتزاز الإعلامي القدير حمدي قنديل وبرنامجه الممتاز قلم رصاص، الذي كان ينطلق بقوة وانسيابية كطلقات رصاص في وجه كل مقصر أو متقاعس أو فاسد، وكان رحمه الله يحسن اختيار موضوعاته، ومن ثم لم يكن المشاهد يملُّ حديثه، ولا يسأم حلقاته بل كان شغوفا بمتابعة كل لحظة في البرنامج بكل يقظة وانتباه ومتعة..

أين إعلاميو اليوم من حمدي قنديل وغيره وغيره من قامات الزمن الجميل الذي كان إعلامه موزونا موضوعيا ومبدعا يسبق زمانه ويتربع على عرش العروبة كلها.. فلماذا انصرف الناس إلى الجزيرة والبي بي سي وغيرهما واجتذبت المشاهدين المصريين من كل صوب وحدب بما تقدمه من محتوى يشبع نهم المشاهد في المعرفة ومتابعة كل جديد لحظة بلحظة.. 

أما عندنا فهناك مذيع شتام ومذيع هجام ومذيع يجدف ضد الشعور العام، ويقترف الخطايا باسم التجديد والمدنية متطاولًا على الثواب، مشككا في تاريخنا وما نشأنا عليه، ومذيع أكول لا يتورع أن يكون على كل الموائد حتى لو قال الشيء وعكسه في الحلقة ذاتها!

ضعف ثقافة الإعلامي ونفاقه وتلونه جعل الناس لا تصدقه، كما تراجعت الاحترافية والجاذبية واختفى السبق الإعلامي في ظل شيوع الصوت الواحد والأفكار والموضوعات المتشابهة. 

لقد انتعشت آمالنا بتولي طارق نور مسئولية المتحدة للإعلام.. لكن الرجل لم يظهر أثره حتى الآن ولم نر له تأثيرا يذكر على الشاشات.. فلماذا تولى هذا المنصب من أساسه.. ومتى يخرج للناس بمحتوى مختلف يعيدهم للشاشات التي هجروها وللإعلام الذي فقد ظله!

غياب الإعلام الاحترافي والمعلومات الصادقة والتنوع فتح الباب لاجتهادات خاطئة يخوض بعضها في أمور تحدث بلبلة وتشويشًا للرأي العام، وما كان لذلك أن يحدث لو توفرت معلومات حقيقية أو جرى بثها وتحليلها بمنطق سليم ورؤية واقعية في وقت مناسب يقطع الشك باليقين.

انعدام السبق الإعلامي في كثير من القضايا التي تهم الرأي العام يعكس تراجعًا واضحًا في الدور الرائد لإعلامنا الذي كان رائدا، وغياب التمكن المهنى للإعلامي النافذ لدى صناع القرار، المتفرد بالمعلومات، مؤشر على تراجع العلاقة الحميمية بين الإعلام وكبار المسئولين بالدولة، وعزوف هؤلاء المسئولين عن الإعلام وبرامجه أو عدم اكتراثهم به أو حجب المعلومات عنه!

غياب السبق الإعلامي والتميز لدى المذيعين يقتل مبدأ المنافسة المهنية بين المذيعين بعضهم البعض لإشباع نهم المشاهد في المعرفة.. خلافًا لما كان بالأمس حين كان الإعلامي والمذيع نافذا وواصلا للسياسي في أعلى المستويات. 

لقد كان الإعلاميون في عصور مختلفة ظهيرًا للدولة في القضايا الكبرى دون أن يمنعهم ذلك من تقديم رؤية مغايرة ونقد بناء يصل لحد الاختلاف مع الحكومة.. أما اليوم فبعض المذيعين يتكلم كالببغاء مرددا ما تريده الحكومة.. 

دفاعا عنها بالحق والباطل متصورًا أن مثل ذلك الانحياز يمكن أن يميزه عن غيره، وتسببت سياسته الفاشلة ورؤيته الضيقة في عزوف المشاهدين عن قناته وبرنامجه تماما.. وكانت النتيجة النهائية فقدان المصداقية في الإعلام القومي واستغناء الناس عنه تمامًا.. وبالتالي فقدان الثقة فيما تقوله الحكومة.


نتمنى أن تعود لإعلامنا هيبته ومكانته في قلوب المشاهدين وفي عقول المسئولين الذين لا يقيم أكثرهم لها وزنًا.. صدقونى إن تراجع الإعلام خسارة للجميع، فالبديل هو السوشيال ميديا التي تنشر الفوضى والشائعات والاجتهادات الطائشة التي تخلق البلبلة وتكرس للإحباط والضبابية.. فاعتبروا يا أولى الأبصار..

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية