رئيس التحرير
عصام كامل

في الأتوبيس.. إلى الفريق كامل الوزير

تعطلت سيارتي فجأة. عصلجت كالبغل، لا تتحرك كالميت. لا تنطق ولو بتكة. والموعد مهم مع الصحاب والوقت ضيق. نظرت الى السيارة فى غيظ، غيظ شديد، وتحركت قدمى نحو الباب لتركله، غير أنى تراجعت إذ تذكرت ثمن التصليح! 

تركتها ومشيت إلى ناصية شارع بيتنا في المعادي، ووقفت استوقف سيارة أجرة، وكانت الريح شديدة وباردة، ولما طال وقوفي ولم أجد ركوبة نظيفة، رجعت أدراجي وقررت الاعتذار عن الموعد، لكن حارس العمارة رآنى ولما عرف ضحك ونصحني بالأتوبيس..


كنت ذاهبا إلى حي السيدة زينب ألتقي الصحاب والأحباب، المبدع الكبير ملك الفيديو مجدي أبو عميرة، والأديب والباحث والناشر دكتور عبود مصطفى عبود، ووكيل إعلام بني سويف الروائي عبد الرحيم درويش والزميل الصحفي والأديب سيد شحته، والأديب النابه رضا محروس. يجمعنا العقل والقلب على مقهى شعبي هادئ في رحاب السيدة.. مع فول وفلافل وبطاطس وأطباق الجحش الشهية..


ركبت الأتوبيس إذن بعد سنوات من ركوب السيارات. عادت بي الذاكرة إلى أيام الشقاء الأولى وسنوات التكوين، وقد عدنا إليها. كانت عربة الأتوبيس متهالكة بمعنى الكلمة، وسائقها متهالكا مثلها، غلبان المنظر والملبس، ولاحظت أن قرب قدميه جركن مركون، إذ كنت جالسا على أول كنبة في الناحية الأخرى.. 

 

لما تحرك الأتوبيس صدر عن العربة أنين مفاصل تتفكك. ابتسمت فى أسى. تحركت من موقف أتوبيسات البساتين. الموقف نفسه واقع في كوم زبالة من حوله.. بجوار شريط السكة الحديد. رحت أتابع الشوارع مستعيدا ذكريات السفر من القللي إلى المنصورة، إذ لم يكن لي بيت بعد بالقاهرة، وفجأة سمعت صوت سيدة تطلب منى تليفوني: عايزة أعمل مكالمة! عندك رصيد؟


استغربت ووجدتني أرفض بتلقائية مستغلا تبريرها أن ليس عندي رصيد. السيدة تجاوزت الستين ربما، وكان السواق أول ما شافها تعجب أنها لم تنزل آخر الخط، ولما طلع الكمساري بعد محطتين أو ثلاثة، دهش هو الآخر وسألها.. هذه الست راكبة الخط لرابع مرة، ذهابا وإيابا، فلما سألها بإصرار عن السبب ضحكت وقالت: ورايا إيه؟ أتسلى وسط الناس.. لا عيل ولا جوز.. كلهم اختفوا ولا الكلب!


كنا خمسة بالمناسبة في السيارة، فضحكنا جميعا.. مضت سيارة الأتوبيس تكح وتعافر وتتوجع وسط طريق يمر بمقابر البساتين، ولما تجاوزتها بقليل توقف السواق وقفز من السيارة وبيده الجركن، انتابني قلق خفيف، فسألت الكمساري: في إيه، ماله؟
 

ابتسم وقال كأنه تعود علي السؤال: العربية سخنت. وعطشت نزل يجيب ميه يسقيها! كل مرة علي كده! عاد بسرعة، وسقى السيارة، وواصل السير، ولما انتبهت أن الريح تمرح داخلها وتلسعنا، سألته أن يغلق الأبواب، فضحك وقال مستنكرا، احمد ربنا أنها ماشية، الأبواب عطلانة!


لا أبواب ولا شبابيك تغلق.. سألته هل دي السيارة الوحيدة علي الخط، قال هناك ست اتوبيسات أسوأ منها! سكت فى أسى وتأملت حالة الرجلين المزرية، وتعجبت لعلامات الرضا، بل الخضوع لوطأة الفقر ووضاعة الحال..

 
ركب ناس ونزل ناس، وأنا وصلت بتسعة جنيهات، وفرت بنزين، ورأيت وجوها متعبة وأخرى لاعنة، وحزنت علي الإهمال القاتل للآدمية.. ولما نزلت ميدان السيدة زينب والأنوار. ضياء وبركات، أحكمت معطفي على صدرى ووجدتني أمضي في هدوء نفسي وتذكرت رد الست الستينية وهى تقول للكمساري: ورايا إيه.. بتسلي وسطيكم!


حكاية مهداة إلى قلب نائب رئيس الحكومة ووزير النقل والمواصلات والصناعة الفريق كامل الوزير.. بلدياتي الذي لن يعجبه الحال التى وصفتها.. بأمانة القلم والقلب.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية