رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة سعد بن أبي وقاص

مشهد الوداع في حياة
مشهد الوداع في حياة سعد بن أبي وقاص، فيتو

في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.

لم يسبقه في الإسلام إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر، وزيد بن ثابت، رضي الله عنهم، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة الذين انتقل رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وهو عنهم راضٍ.

كان سعد بن أبي وقاص، رضى الله عنه، مجاب الدعوة وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان فارسًا شجاعًا من أمراء الرسول، صلى الله عليه وسلم، وشهد بدرًا وما بعدها.

يلتقي مع أمّ الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، في النسب، فجده أهيب بن عبد مناف، وهو عمّ آمنة بنت وهب أم النبي، عليه الصلاة والسلام، وأمّه حمنة بنت سفيان بن أميّة، بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية.
وُلد سعد في مكة المكرمة قبل الهجرة بثلاثٍ وعشرين سنة، وكان يعمل في شبابه في بري السهام وصناعة القسي.

موقفه مع أمه

وقد خلّد التاريخ موقفًا عظيمًا لسعد، رضي الله عنه؛ فبعد إسلامه امتنعت أمّه حمنة عن الطعام، وهدّدته ليرجع عن الإسلام، فحُفظت له كلماتٌ تُسطّر بماء الذهب، كلماتٌ تدلّ على قوّة إيمانه وثباته، حيث قال: "تعلمين والله يا أمّاه، لو كانت لك مئة نفسٍ فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني هذا لشيء؛ فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي"، ثمّ أقسمت ألّا تأكل ولا تشرب، ولا تكلّمه حتى يرجع عن دينه.
فأنزل الله، تعالى، آيات تُتلى، حيث قال: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ".

"ارمِ سعدُ فداكَ أبي وأمِّي"

وبعد هذا الموقف العظيم أكمل سعد، رضي الله عنه، مشوار الجهاد والتضحية في سبيل الله، فكان أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وواحدًا من أمهر فرسان المسلمين، فاستحقّ بذلك فداء الرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، له بأبويه يوم أحد، حيث قال: "ارمِ سعدُ فداكَ أبي وأمِّي".
ودعا له بسداد الرمية، وإجابة الدعوة، فكان سعد، رضي الله عنه، مُجاب الدعاء، وشهد مع رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، الكثير من المعارك، منها: غزوة بواط التي كان يحمل لواءها، وبدر، وأحدٌ، وكان من شهود صلح الحديبية، وأحد الستة أصحاب الشورى.
واستمرّ جهاده بعد انتقال رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقاد معركة القادسية التي وقعت في أصعب مراحل فتح بلاد فارس والعراق، والتي شكّل النصر فيها على الفرس الضربة التى قضت عليهم وأسقطت دولتهم.

هذا خالي

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "أقبلَ سعدٌ فقالَ النبي، صلَّى اللَّه عليه وسلم: هذا خالي فليُرِني امرؤٌ خالَهُ".
كان سعد، رضي الله عنه، رجل مواقفٍ، وصاحب همةٍ وثباتٍ، وقد ذكرت كتب التاريخ الكثير من مواقفه، ومنها أنه ثبت يوم أحد، وأبلى بلاءً حسنًا، كما أخبر أبو عثمان، رضي الله عنه، أنّه لم يبقَ حول النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، إلّا رجلين؛ هما: سعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، رضي الله عنهما، وكانا يقاتلان عنه أشدّ القتال.

اعتزاله الفتنة

كان اعتزال سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، للفتنة التي حدثت بين المسلمين دليلًا على ورعه وتقواه، فعندما جاء إليه بعض الصحابة يطالبونه بالقتال معهم، أخبرهم أنّه لن يقاتل معهم حتى يعطوه سيفًا له عينان ولسان يقول هذا مؤمن وهذا كافر.
رُوي أنّه كان معتزلًا في إبله، فجاء ابنه عمر (الذي قاد فيما بعد الجيش لقتال سيدنا الإمام الحسين في كربلاء، ثم ندم بعد اغتيال الإمام ندما شديدا)، فلمّا رآه قال: "أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب"، فنزل عمر بن سعد، ثمّ قال لأبيه: "أنزلت في أبلك وغنمك، وتركت الناس يتنازعون الملك فيما بينهم؟".
فضربه سعد في صدره، وقال له: "اسكت، سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ، الغنيَّ، الخفيَّ".

وفاة سعد بن أبي وقاص

وعمَّر سعد بن أبي وقاص كثيرا، وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير، لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية. 
وقال: كفنوني بها فإني لقيت بها المشركين يوم بدر، وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا.
ولما بدأ بالاحتضار كان رأسه في حجر ابنه مصعب، فبكى، فرفع سعد، رضي الله عنه، رأسه، وقال: "يا بني ما يبكيك؟"، فقال ابنه: "لمكانك وما أرى بك"، فقال: "لا تبكِ، فإنّ الله لا يُعذبني أبدًا، وإنّي من أهل الجنة"، فقد كان موقنا بصدق بشارة رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، له.

وصية سعد لابنه

وقد نُقل عنه أنّه أوصى بعدّة وصايا، منها: وصية سعد بن أبي وقاص لابنه: حيث قال فيها: "يا بني إيّاك والكبر، وليكن فيما تستعين به على تركه: علمك بالذي منه كنتَ، والذي إليه تصير، وكيف الكِبر من النطفة التي منها خُلقت، والرحم التي منها قُذفت، والغذاء الذي به غُذِّيت".

وأوصاه بوصيةٍ أخرى عند الموت، فقال: "يا بني إنّك لن تلقى أحدًا هو أنصح لك مني: فإذا أردت أن تصلّي فأحسن الوضوء، ثمّ صلّي صلاةً لا ترى أنّك تصلي بعدها، وإياك والطمع فإنّه فقرٌ حاضر، وعليك بالإياس فإنّه الغنى، وإيّاك وما يُعتذر إليه من العمل، وأعمل ما بدا لك".
 

توفي سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية، وكان آخر المهاجرين وفاة، ومات في منطقة العقيق، التي تبعد سبعة أميالٍ عن المدينة المنورة، وكان ذلك في زمن معاوية، ودُفن في البقيع.

 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية