الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة الإمام الحسن سبط رسول الله (3 – 5)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
الإمام الحسن بن علي، رضي الله عنهما، هو سبط رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وسيد شباب أهل الجنة، والسيد الذي أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين.
الزواج لإكثار ذرية البيت النبوي
وكان، رضي الله عنه، كثير التزوج، وكان لا يفارقه أربع حرائر، وكان مطلاقا مصداقا.
وقيل إن ذلك كان هدفه إكثار ذرية آل البيت النبوي.
يقال: إنه أحصن (تزوج) بسبعين امرأة. وذكروا أنه طلق امرأتين في يوم واحدة من بني أسد وأخرى فزارية، وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف وبزقاق من عسل، وقال للغلام: اسمع ما تقول كل واحدة منهما.
فأما الفزارية فقالت: جزاه الله خيرا. ودعت له، وأما الأسدية فقالت: متاع قليل من حبيب مفارق.
فرجع الغلام إليه بذلك، فارتجع الأسدية وترك الفزارية. وقد كان عليُّ بن أبي طالب يقول لأهل الكوفة: لا تزوجوه فإنه مطلاق.
فيقولون: والله يا أمير المؤمنين لو خطب إلينا كل يوم لزوجناه منا من شاء ابتغاء في صهر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وذكروا أنه نام مع امرأته خولة بنت منظور الفزاري - وقيل: هند بنت سهيل - فوق إجار، فعمدت المرأة فربطت رجله بخمارها إلى خلخالها، فلما استيقظ قال لها: ما هذا ؟ فقالت: خفت أن تقوم من وسن النوم فتسقط، فأكون أشأم سخلة على العرب. فأعجبه ذلك منها، واستمر بها سبعة أيام بعد ذلك.
عن ابن سيرين قال: كان الحسن بن علي لا يدعو إلى طعامه أحدا؛ يقول: هو أهون من أن يُدعى إليه أحدٌ.
وعن محمد بن سيرين قال: تزوج الحسن بن علي امرأة، فبعث إليها بمائة جارية، مع كل جارية ألف درهم.
فصاحته وأدبه
وعن عمير بن إسحاق، قال: ما تكلم عندي أحدٌ كان أحب إلي إذا تكلم ألا يسكت من الحسن بن علي، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة; فإنه كان بين الحسين بن علي وبين عمرو بن عثمان خصومة، فقال الحسن: ليس له عندنا إلا ما رغم أنفه. فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط.
وقيل للحسن بن علي: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة. فقال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له، وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء.
وقال أبو بكر محمد بن كيسان الأصم: قال الحسن ذات يوم لأصحابه: إني أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني، وكان عظيم ما عظَّمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان خارجا من سلطان فرجه، فلا يستخف له عقله ولا رأيه، وكان خارجا من سلطان الجهلة، فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة، كان لا يسخط ولا يتبرم، كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم، وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت، كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذَّ القائلين (تفوق عليهم)، وكان لا يشارك في دعوى، ولا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيًا، يقول ما يفعل، ويفعل ما لا يقول تفضلا وتكرما، كان لا يغفل عن إخوانه، ولا يستخص بشيء دونهم، كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر بمثله، كان إذا ابتدأه أمران لا يرى أيهما أقرب إلى الحق، نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه.
بين الإمام والإمام
وعن الحارث الأعور، أن عليًّا سأل ابنه - يعني الحسن - عن أشياء من المروءة، فقال: يا بني، ما السداد؟ قال: يا أبت، السداد دفع المنكر بالمعروف.
قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة. قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المرء ماله.
قال: فما الدقة؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقير. قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله عرسه.
قال: فما السماحة؟ قال: البذل في العسر واليسر. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى ما في يديك شرفا وما أنفقته تلفا.
قال: فما الإخاء؟ قال: الوفاء في الشدة والرخاء. قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.
قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوى، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة. قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس.
قال: فما الغنى؟ قال: رضا النفس بما قسم الله لها وإن قل، فإنما الغنى غنى النفس.
قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شيء. قال: فما المنعة ؟ قال: شدة البأس ومقارعة أشد الناس. قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقة.
قال: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران. قال: فما الكلفة ؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك.
قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الجرم. قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كل ما استرعيته.
قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك. قال: فما الثناء؟ قال: إتيان الجميل وترك القبيح. قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة، والرفق بالولاة، والاحتراس من الناس بسوء الظن، هو الحزم.
قال: فما الشرف؟ قال: موافقة الإخوان، وحفظ الجيران. قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة، ومصاحبة الغواة. قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد وطاعتك المفسد. قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك وقد عرض عليك.
قال: فما السيد؟ قال: الأحمق في المال، المتهاون بعرضه; يُشْتَمُ فلا يجيب، المتحزن بأمر العشيرة، هو السيد. قال: ثم قال عليٌّ: يا بني، سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء، ورأس الإيمان الصبر، وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفهُ، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحب الفخر".
ثم قال عليٌّ: يا بني، لا تستخفن برجل تراه أبدا، فإن كان أكبر منك فعد أنه أبوك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن كان أصغر منك فاحسب أنه ابنك.
وقال علي بن العباس الطبراني: كان على خاتم الحسن بن علي مكتوب:
"قدِّم لنفسك ما استطعتَ من التقى.. إنَّ المنيةَ نازلٌ بك يا فتى
أصبحتَ ذا فرحٍ كأنَّك لا ترى.. أحبابَ قلبِك في المقابرِ والبلى".
وقال الحسن لبنيه وبني أخيه: تعلموا فإنكم صغار قوم اليوم، وتكونون كبارهم غدا، فمن لم يحفظ منكم فليكتب.
الحسن ينتقد مغالاة الشيعة
وعن عمرو بن الأصم، قال: قلت للحسن بن علي: إن هذه الشيعة تزعم أن عليًّا مبعوثٌ قبل يوم القيامة. قال: كذبوا والله، ما هؤلاء بالشيعة، لو علمنا أنه مبعوثٌ ما زوجنا نساءه (أي من بعد وفاته)، ولا اقتسمنا ماله.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.