الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة عائشة (1 – 4)
في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
ماتت السيدة عائشة، رضي الله عنها، بسبب مرضٍ أصابها، ودُفنت في البقيع، وقد حزن عليها المسلمون حزنًا كبيرًا.
توفيت على الأرجح، ليلة الثلاثاء، وكان يوم السابع عشر من رمضان، سنة سبع وخمسين من الهجرة. وكانت فى السادسة والستين من عمرها.
في لحظاتها الأخيرة
في ساعاتها الأخيرة، زارها عبد الله بن عباس، وكان قد استضافها في بيته، أيام مرضها، واستأذن فى الدخول، وقال لها: "أبشري؛ ما بينك وبين أن تلقى محمدًا والأحبةَ إلا أن تخرجَ الروحُ من الجسد، وكنتِ أحبَّ نساء رسول الله إليه ولم يكن رسول الله يحب إلا طيبًا، وسقطت قلادتك ليلة الإيواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يُتلى فيه آناء الليل وآناء النهار"، فأجابته أم المؤمنين: "دعك منى يا ابن عباس والذي نفسى بيده لوددت أنى كنت نسيًا منسيًّا".
وُلدت السيدة عائشة رضي الله عنها في مكّة المكرّمة في بيتٍ عامر بالإيمان والصدق بعد بعثة النبيّ بأربع أو خمس سنوات، وكانت أحبّ زوجات النبيّ إلى قلبه.
هِيَ أمُّ المؤمنينَ أمُّ عبدِ الله، زوجة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وأفْقَه نِساءِ أُمَّته على الإطلاق، عائشةُ بنتُ الإمام الصِّدِّيق الأكْبر، خليفةِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، أبِي بَكْرٍ عبدِ الله بنِ أبي قُحَافةَ عثمانَ بنِ عامرِ بن عمرو بن كعْب بن سعْد بن تَيْم بن مُرَّة، بن كعْب بن لُؤيّ، القرشيَّة التيميَّة، المكيَّة، النبويَّة.
وأمُّها هي: أُمُّ رُومانَ بنتُ عامرِ بن عُوَيمر، بن عبدِ شمْس، بن عتاب بن أُذينة الكِنانية.
يلتقي نسبها مع سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في جده السادس مُرَّة بن كعب.
اختيار الله لها زوجةً لرسوله
قبْل زواج سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بالسيدة عائشة، رضي الله عنها، رآها في منامه ثلاث مرات، ورؤيا الأنبياء وحي من الله سُبحانه؛ فعن عائشةَ قالتْ: قال رسولُ الله: "أُريتكِ في المنام ثلاثَ ليالٍ، جاءَني بكِ المَلَك في سَرَقةٍ (قطعة) مِن حريرٍ، فيقول: هذه امرأتُك، فأَكْشِف عن وجْهِكِ، فإذا أنتِ هي، فأقول: إنْ يَكُ هذا مِن عند الله يُمضِه (ينفذه)". (متفق عليه)، وقوله، صلى الله عليه وسلم: إنْ يَكُ هذا مِن عندَ الله يُمضِه، هو خبر على التحقيق أن الله سيمضيه.
زواجها من رسول الله، صلى الله عليه وسلم
تزوَّجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعدَ وفاة الصِّدِّيقة خديجة بنت خُوَيلد، وقبلَ الهِجرة ببضعة عشَرَ شهرًا، وقيل: بعامين، وكانت زيجتها ثالث زيجاته بعد السيدة خديجة، والسيدة سودة بنت زمعة رضي الله تعالى عنهنَّ.
وبَنى بها، صلى الله عليه وسلم، بعد غزوة بدر الكبرى في شوال من السنة الثانية للهجرة.
الزوجة الصالحة
كانت أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، زوجة صالحة بما تحمله الكلمة من المعاني النبيلة.
قال سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لها: "إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى".
فقالَتْ رضي الله عنها: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذلكَ؟
فقالَ: "أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ".
فقالَتْ: "أجَلْ واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ".. (أخرجه البخاري).
فضائل السيدة عائشة
ولعائشة خصائص عدة خصها الله بها كانت هي نفسها تعدها، فهي التي قالت عن مزاياها: "فضلت على نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، بعشر! لم ينكح بكرًا قط غيري، ولا امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله براءتي من السماء، وجاء جبريل بصورتي من السماء في حريرة (عندما حلم بها الرسول قبل زواجه منها)، وكنت أغتسل أنا وهو فى إناء واحد ولم يكن يصنع ذلك بواحدة من نسائه غيري، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه دون غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم ينزل وهو مع غيري، وقبض وهو بين سحري ونحرى، وفي الليلة التى كان الدور عليّ فيها ودفن فى بيتي".
ومن فضائلها، ما روته، رضي الله عنها، قائلة: لَمَّا أُمِرَ رَسولُ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، بتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بي، فَقالَ: "إنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ"، قالَتْ: قدْ عَلِمَ أنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكونَا لِيَأْمُرَانِي بفِرَاقِهِ، قالَتْ: ثُمَّ قالَ: "إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ: "يَا أَيُّهَا النبيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسوله وَالدَّارَ الآخِرَةَ فإنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا".. (الأحزاب: 28)، قالَتْ: فَقُلتُ: في أَيِّ هذا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فإنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسوله وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم، مِثْلَ ما فَعَلْتُ.. (متفق عليه).
وساندت أم المؤمنين رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، في سِلمه وحربه؛ فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: "لَمَّا كانَ يَومَ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم... ولقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بنْتَ أبِي بَكْرٍ وأُمَّ سُلَيْمٍ، وإنَّهُما لَمُشَمِّرَتَانِ، أرَى خَدَمَ سُوقِهِما تُنْقِزَانِ القِرَبَ علَى مُتُونِهِما تُفْرِغَانِهِ في أفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ في أفْوَاهِ القَوْمِ، ولقَدْ وقَعَ السَّيْفُ مِن يَدَيْ أبِي طَلْحَةَ إمَّا مَرَّتَيْنِ وإمَّا ثَلَاثًا". (متفق عليه).
وقد استأذنت، رضي الله عنها، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الجهاد فقال: "جِهادُكنَّ الحَجُّ".. (أخرجه البخاري وأحمد واللفظ له).
أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أفصح رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، عن حبه للسيدة عائشة، رضي الله عنها، في مجمع من الناس حينما سئل: مَنْ أحبُّ الناسِ إليكَ؟ قال: "عائشةُ"؛ قيل: مِنَ الرجالِ؟ قال: "أبوها".. (أخرجه الترمذي)
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
