الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة "حبر الأمة" عبد الله بن عباس (3 - 3)
في هذه السلسلة، نستعرض الليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
"اليوم مات رباني هذه الأمة"، هذا وصف سيدنا محمد بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، (المشهور بـ "ابن الحنفية"، بعد أن صلى على ابن عباس، رضي الله عنه، بعد وفاته بالطائف، التي انتقل إليها بعد أن طرده عبد الله بن الزبير من مكة المكرمة.
خروجه من مكة مطرودا
كان ابن العباس مقيما في مكة، وظل بها إلى أن نادى عبد الله بن الزبير بنفسه خليفة للمسلمين، معلنا الخروج على حكم الأمويين، في أعقاب وفاة الإمام الحسن بن علي، رضي الله عنهما، وموت معاوية، ثم استشهاد الإمام الحسين، رضي الله عنه، في كربلاء.
وقد بايع كثير من الصحابة والتابعين ابن الزبير؛ لرفضهم حكم الأمويين، وحزنهم الشديد على آل بيت النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، والذين استشهد معظمهم على أيدي جنود يزيد بن معاوية.
وقليل من الصحابة أحجموا عن مبايعة ابن الزبير، ومنهم عبد الله بن عباس، فما كان من ابن الزبير إلا أن
أخرجه من مكة، فلجأ إلى الطائف، وسكنها حتى مات بها.
خرج ابن عباس، وأهله إلى الطائف، فلما عَلم أهل الطائف بمقدم ابن العباس أقبلوا على مجلسه ليفقههم في دينهم، فسأله سائل عن قوله تعالى: "ما يعلمهم إلا قليل"، فقال ابن العباس: "أنا من أولئك القليل".
كرامات في وفاته
تُوفي ابنُ عباس بالطائف في سنة 68 هـ، وهو ابن إحدى وسبعين سنة، وصلى عليه محمد بن الحنفية، وكبَّر أربعًا، وقال: "اليوم مات رباني هذه الأمة".
وضرب على قبره فسطاطًا، وهذا القبر مشهور في مسجد كبير بالطائف.
وقال ميمون بن مهران: شهدت جنازة عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، فلما وُضِع ليصلَّى عليه جاء طائر أبيض فدخل في أكفانه.
وأخرج يعقوب بن سفيان عن طريق عبدالله بن أنس، قال أخبرني أبي أنه لما مرّ بجنازة عبدالله بن العباس، جاء طيرٌ أبيضُ يقال له الغرنوق فدخل في النعشِ فلم يجد بعد.
قال عفان بن مسلم الصفار: وكانوا يرون علمه وعمله، فلما وُضِع في اللحد تلا تالٍ لا يُعرف من هو، وفي رواية: أنهم سمعوا من قبره: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي". (ذكر ذلك أحمد بن حنبل، والواقدي، وابن عساكر، وابن حجر العسقلاني).
قال ابن فهد: وأخبرني غير واحد أنه شَم من قبره رائحة المسك، ولا خلاف بين أهل العلم بالتاريخ أن عبد الله بن العباس توفي بالطائف، وأن ضريحه بالطائف.
ويعتقد أهل الطائف أن قبر ابن عباس يقع أمام مقبرة الشهداء بجوار مسجد عبد الله بن عباس بالطائف، في الجهة المُقابلة لمُصلَّى النساء حاليًا، وبجواره قبر محمد بن الحنفية، ويقول الباحث عيسى علوي القصير: “إن قبر ابن عباس كان عليه تابوت أخضر وستارة خضراء وشبك حديدي مثلما كان في مساجد المدينة”.
مسجد بن العباس رضي الله عنه
وهو أكبر المساجد بالطائف الذي فيه (قبره) وفي موقع مسجد ابن العباس رضي الله عنهما، موقع لمسجد ينسب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو تحويطة صغيرة في ذلك التاريخ، ملاصقة للجدار القبلي من القبة الأخيرة الكائنة في آخر المسجد العباسي على اليمين الداخل من الباب الشرقي، وهذه القبة هي إحدى القبتين المبنيتين في موضع (خيمتي) زوجتيه اللتين كانتا مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم في غزوة الطائف في السنة الثامنة من الهجرة صلّى الله عليه وسلّم وهما (زينب بنت جحش وأم سلمة) رضي الله عنهما، وأول من بنى هذا المسجد عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك الثقفي، لما أسلمت ثقيف في السنة التاسعة من الهجرة النبوية.
وكان يوجد على قبة ضريح عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، اسم الملك المظفر صاحب اليمن، وقد هدمت القبة الأخيرة في توسعة السعودية لهذا المسجد في عام 1378هـ، وتم الانتهاء من بناء مسجد ابن العباس عام 1381هـ، وأصبح قبر عبد الله بن العباس، رضي الله عنهما، خارج المسجد من الناحية الشمالية الغربية محاطًا بسور منفصل بدون قُبة، ولا أثر لها وهو من جهة مدخل النساء.
وفي مؤخرة المسجد الذي فيه قبر عبد الله بن عباس رضي الله عنه، وفي جداره القبلي حجر مكتوب فيه: "أمرت السيدة زينب أم جعفر زبيدة بنت أبي الفضل العباسي، بعمارة مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالطائف، وذلك في سنة 192 من الهجرة".
ومن الرحالة الذين زاروا الطائف ومسجد ابن العباس، ناصر خسرو، الذي زار الطائف يوم الاثنين 22 من ذي الحجة عام 442هـ، 1051م، وهو أول الرحالة الذين شاهدوا الطائف ووصفها، قائلا: الطائف موضع أكبر من قرية ودون المدينة، وللطائف سور محكم وسويقة صغيرة وجامع متوسط، ومياه غزيرة، وأشجار رمان وتين كثير وبجوارها قبر عبدالله بن العباس رضي الله عنهما، وقد بنى الناس هناك مسجدًا (يقصد بناء المسجد الذي بنسب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي بنته (زبيدة زوجة خليفة المسلمين هارون الرشيد سنة 192 من الهجرة).
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.