ماذا تحمل أيام ترامب القادمة؟
هل يستعد الشرق الأوسط لسيناريوهات جديدة بعد عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض من جديد؟ بصيغة أخرى هل ستشهد منطقة الشرق الأوسط الساخنة الآن حالة من التبريد المفاجئ أو حتى التدريجى لينتهي المطاف إلى وقف نيران المدافع وضربات الطيران والصواريخ في الأيام القادمة تمهيدًا للدخول في مرحلة تالية، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها؟
أعتقد ان الاجابة هى بالايجاب وبعيدًا عن العواطف والمشاعر تعالوا ننظر للمنطقة بعيون إسرائيلية وأمريكية، ووفقًا لميزان القوة الذي يميل للأسف الشديد إلى صالح إسرائيل الآن وبشكل أكثر من أىي فترة مضت ولعدة أسباب:
أولا: حقق نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل من الانتصار ما يكفيه ويمكنه من الذهاب إلى ناخبيه ليؤكد لهم بأنه حقق ما صرح به عقب بدء الرد العسكري ضد غزة بعد هجوم 7 أكتوبر، الذي نفذته حماس داخل الكيان الإسرائيلي..
فقد نجح في قتل الكثيرين من قادة حماس الذين اشتركوا وخططوا لهجوم 7 أكتوبر وعلى رأسهم إسماعيل هنية ويحيي السنوار والعديد من القادة والجنود الحمساويين.
ثانيا: كسر عظام أهل غزة الذين جاءوا بحماس للحكم، وساندوها طوال السنوات الماضية بدفع أكثر من 50 ألف شهيد منذ 7 أكتوبر قبل الماضى، وأكثر من مائة ألف مصاب وتشريد أكثر من 2.5 مليون مواطن فلسطيني، بل وامتد انتقامه إلى أهل الضفة الغربية.. يعنى أخذ بثأر من قتل من الاسرائيليين في الهجوم أو من كانوا من بين الرهائن، وحول كل غزة إلى كوم تراب يرقد تحته آلاف الجثث من الشهداء.
ثالثا: استطاع في لبنان أن يقلم أظافر حزب الله بقتل قائده حسن نصر الله والعديد من القادة المؤثرين في الجناح العسكرى، وقام بتحييد قوة الحزب العسكرية، وطالت طائراته كل لبنان وسوريا، ليضرب ما يشاء من الأهداف وما يريد في البلدين بعد أن أصبحت الأجواء مباحة أمامه.
رابعا: يبحث نتنياهو عن مكاسب جديدة الآن لإيقاف الحرب وبثمن جديد يدفعه العرب أيضا، ومنها عودة قطار التطبيع الذى توقف منذ شهور، ولن يتم ذلك إلا بضغوط وتدخل الرئيس الامريكى دونالد ترامب، خاصة وأن نتنياهو يدرك أنه لن يحقق المزيد من الانتصارات على الأرض في غزة ولبنان بعد ما حقق على أرض الواقع، فهل هناك تدمير ممكن أكثر مما تم، وهل يمكن قتل المزيد من الفلسطينيين بعد حرب الإبادة المستمرة لأكثر من 11 شهر!
خامسا: ويأتى الملف الإيراني ليبحث من خلاله نتنياهو عن مكاسب جديدة بعد أن تباطأ الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن عن تحقيق ما كان يصبو إليه نتنياهو.
سادسا: يبحث نتنياهو عن تحقيق خطوة جديدة من الحلم الصهيوني بتنفيذ خارطة الشرق الأوسط الجديد تكون فيه إسرائيل في مقدمة القيادة، ولن يساعده على ذلك إلا ترامب بضغوط من كل نوع في الفترة القادمة، ليكون ثمنًا لوقف النيران المشتعلة، يعنى بالعصا والجزرة.
سابعًا: تلتقى رغبات نتنياهو مع عنفوان ترامب من جهة وعلاقته بزعماء المنطقة من جهة ثانية، بعكس سلفه جو بايدن الذي كانت علاقته بهم فاترة من جهة، وعدم تدخله بشكل ولو مظهري لوقف شلالات الدم، فالمسرح الآن من وجهة نظر نتنياهو مهيأ لتحقيق الحلم الصهيوني بقبضة ترامب بعد ما حدث في المنطقة طوال أكثر من عام.
والسؤال هل ينجح مخطط نتنياهو في شرق أوسط جديد على المقاس الاسرائيلى؟ ويأتي السؤال التالي ما هي الأوراق التي يملكها العرب الآن للتفاوض، ولن أقول للضغط بها رغم الأجواء المسيطرة على المنطقة؟
أعتقد أن ملف التطبيع هو ورقة الضغط التي يمكن للعرب المناورة بها الآن مدعومة بغضب وغطاء شعبى من المحيط للخليج، يعني يشد المعارض من عضد المفاوض ليعرقل من التحرك في هذا الطريق.. واعتقد أن التشبث بالغضب الشعبي قد يساعد في التفاوض الرسمى.
ثامنا: الإصرار على إقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع للحصول على الرضا الشعبى بعد المجازر الاسرائيلية على الشعب الفلسطينى يكون سيناريو المفاوض.
تاسعا: أعتقد أن الملف الاقتصادى والتجارى.. الخ الذى تسعى تل أبيب للحصول عليه من العرب هو ورقة الضغط الكبرى التى لها بعض القيمة الآن، وعلى المستوى الشعبي قد يكون السند القوي الذي يحمي الحكومات من الضغط الأمريكي والإسرائيلي، خاصة بعد نجاح حملات المقاطعة التي تمت الفترة الماضية للشركات الأمريكية والأوروبية التي تساند إسرائيل.
ورغم ذلك يبقى المواطن الفلسطيني هو رمانة الميزان التي تؤكد أن القوة الباطشة والضغوط لن تصنع استقرارًا، وأي حديث عن تطبيع أو معاهدات سلام لن يكون لها أي ظل على أرض الواقع إلا بإقامة دولة فلسطينية حقيقية، وأي سيناريو يتغافل ذلك لن يكتب له النجاح والإستمرار!
yousrielsaid@yahoo.com