رئيس التحرير
عصام كامل

لا فارق بين هاريس وترامب!

مشكلتنا في العالم العربى أننا نقارن ونفاضل بين السيئ والأسوء، على عكس إسرائيل فأنها تفاضل وتقارن بين الحسن والأحسن.. أقصد طبعا في الانتخابات الأمريكية ونتائجها، ورغم أننى اكتب هذا المقال صباح الاثنين الماضى وقبل بدء إجراء الإنتخابات الأمريكية فأننى على عكس المتوقع، لا أرى فارقا كبير بين الكتابة قبلها أو بعدها كما قلت، مرددا لأحد الأصدقاء المثل الشعبى العبقرى “ما أسخم من سيدى إلا ستى”، يعنى الكل بالنسبة لنا كعرب أسوء، وحتى الإختيار بين السيئ والأسوء حرمنا منه، فالكل أسوء ولا فارق.

 
لذلك كنت أنزعج من المقارنات السطحية التى قد تصل إلى حد السذاجة، أو على الأقل التشبث بأوهام لا محل لها من الإعراب، فمن يقل أن ترامب أفضل للعرب، يكون الرد من الممارسة الفعلية له أثناء فترة رئاسته الأولى، فماذ قدم للعرب خلالها غير الاستحواذ على صفقات مالية تجارية ضخمة مع بعض دول الخليج، لم يسبقه فيها أحد من الرؤساء الامريكيين السابقين.. 

 

ومع ذلك تعالوا للب السؤال هل قدم ترامب ما يفيد الحقوق الفلسطينية؟ والإجابة جاهزة وتكمن في  أفعاله وأقواله.. في البداية قالها صراحة أنه تعهد بإنهاء الحرب الأوكرانية، بل قالها بشكل أكثر وضوحا أنه لو كان في الحكم ما كانت هذه الحرب ستشتعل، وأيا ما كانت الأسباب، نتفق معها أو نختلف، فماذا قال عن حرب غزة أو لبنان؟ لا شئ.. 

بل لم يذكرها بكلمة أو تعهد مماثل بإنهاء الحرب، وعلى العكس إنتقد ما وصفها بـ الضغوط التي يمارسها بايدن على نتنياهو في حرب غزة، مطالبا بايدن بـ عدم الضغط على إسرائيل!


وأزيد من الشعر بيت كما يقولون، وأذكركم بما فعله أثناء رئاسته الأولى، وللأسف نحن نملك ذاكرة السمك التى لا يلتصق بها شيئا، فقد قدم إلى إسرائيل ما لم يجرؤ رئيس أمريكى أخر على تقديمه، 
فعلي سبيل المثال لا الحصر، مارس ترامب ضغوطا كبيرة بل وكان حلقة الوصل في اتفاقيات التطبيع التي وقعتها إسرائيل مع بعض دول المنطقة.. وبعد عودته سينطلق قطار التطبيع بسرعة أكبر.

 
وقبل ذلك أذكركم خلال فترة حكمه السابقة، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عمليا، ولم يقف الأمر عند ذلك بل أعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة ضاربا عرض الحائط بكل القرارات الأممية والدولية. 


ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ونقض وإنسحب من الاتفاق النووى الذي وقعته واشنطن مع إيران، خلال فترة باراك أوباما.. كما فرض عقوبات على طهران من أجل إجبارها على الموافقة على اتفاق نووي جديد بشروط أكثر صرامة من الاتفاق النووي السابق.. وكل ذلك من أجل عيون إسرائيل ضاربا بأوروبا عرض الحائط.. فهل بعد ذلك سنجد من يفرح منا بإعادة انتخابه، ولهم أقول إنتظروا المزيد!


أما من يرى أن كاميلا هاريس أفضل من ترامب باعتبارها أقل حدة، فالاجابة بسيطة بأن الحية ناعمة الملمس، فالهدف هو قتلنا، فالمسألة لا تفرق أن يكون الموت بالشنق أو بالصعق بالكهرباء أو بالسم البطئ.


وحتى لا يكون الكلام معمما تعالوا ننظر ماذا فعلت مع رئيسها بايدن طوال الفترة الماضية، وهى نائبة له، والتى حدثت فيها أكبر مجزرة بشرية على الهواء مباشرة وأمام العالم كله.. في غزة ولبنان 
وحتى تصريحاتها التى يرى البعض انها أكثر تعاطفا مع الفلسطنيين لا تعنى سوى كلام مضحك، فقولها بضرورة إنهاء معاناة المدنيين في غزة، أمر مضحك لإنها تؤيد الغزو الإسرائيلى، ولم تتعهد بشكل واضح بوقف الحرب.. وهنا يكون السؤال كيف نقضى على المعاناة دون وقف الحرب؟!


بل أكدت هاريس مثل أقرانها على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتعهدت كالعادة بضمان أمن إسرائيل وتقديم ما تحتاج إليه لضمان تحقيق هذا الأمن.. وحتى المقاطعات التى تلاقيها في حملتها الانتخابية كانت ترد عليه ببرود: هذه هى الديمقراطية!، بل وردت على لافتات بعض المتظاهرين التى كُتب عليها: فلسطين حرة.. بقولها: كل شيء على ما يرام. نريد أن تنتهي تلك الحرب في الشرق الأوسط... ونريد عودة الرهائن إلى ديارهم. 

 

ولم تسأل هاريس نفسها إذا كان هناك إمكانية لعودة الرهائن فهل يمكن أن تعيد مئات الالاف من الشهداء في فلسطين ولبنان من الآخرة، وهل يمكن أن تعود الأرض لأصحابها، وهل يمكن أن يعود المستوطنون الاسرائيلين ومنهم أمريكان إلى أوطانهم؟ يعنى ببساطة ستستمر مواقفها حتى يتعب نتنياهو!

 


أيها العرب إنتظروا مصيركم إذا لم تتحركوا الآن وليس بعد دقيقة، ولا تصدقوا ما يروج أننا لا نملك من أوراق اللعب أو الضغط شيئا.. أخيرا لن يحك جلدنا سوى اظافرنا!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية