رئيس التحرير
عصام كامل

اتفاقية استسلام لـ 5 دول!

نعم علمتنا دروس التاريخ أن نتيجة أى معركة أو صراع هي وجود منتصر ومهزوم، ويمنح الانتصار لصاحبه شهوة الإنتصاروالفوز، وتجعله في مركز القوة الذى يفرض شروطه، وعلى المنهزم الاستسلام بقبولها والخضوع لشروطها. 


ولذلك لم أندهش من الغطرسة التى حدثت مؤخرًا لنتنياهو مع شهوة الانتصار؛ لذلك راح يفرض شروطه، مدعومًا بالواقع المرئي، متمثلًا في قتل الكثير من قيادات حماس وحزب الله وتدمير البنية التحتية والفوقية لغزة وتشريد وقتل وجرح مئات الالوف من أبناء الشعب الفلسطيني.


نعم نشوة الإنتصار ونخبه، يسكران صاحبه ويغيبانه عن حقائق التاريخ الأخرى التي لا تقبل التغيير لأنها هي الثابت، في حين أن مهزوم اليوم قد يكون منتصر الغد، ومنتصر اليوم قد يكون مهزوم الغد.. 

لأنها متغير ومتحول يتغير بعوامل القوة وتغيرات الزمن، انهزمت اليابان وألمانيا، وعادتا لتكونا من القوة التى نراها الآن، وانهزمت فرنسا وانتصرت بعد ذلك، وحدثت النكسة لنا في مصر وعدنا للإنتصار وأعدنا أرضنا في 6 أكتوبر 1973.


لكن ما أقصده بحتمية الإنتصار مع حقائق التاريخ التي لا تقبل التغيير لأنها الثابت، هي نجاح كفاح الشعوب للتحرر من قبضة الاستعمار دائمًا، رغم اختلال موازين القوى والضبابية التى تكتسي غالبًا بمنطق القوة لتحبط الضعيف من جهة، وتكون أداة لبث اليأس في النفوس من قبل العدو وأذنابه وأتباعه من جهة ثانية.

  
مصر تحررت من قبضة بريطانيا وهي قوة عظمى، وقبلها تحررت من الاستعمار الفرنسي الذي لم يستطع البقاء عندنا بضع سنين رغم أنه كان أيضًا قوة عظمى، ورغم اختلال موازين القوى وقتها
تحررت أيضًا الجزائر من فرنسا ودفعت الثمن الذي تجاوز المليون شهيد، وليبيا تحررت من الاستعمار الإيطالي، وما زال قتل البطل عمر المختار أمام شعبه في الأذهان والوجدان..

 

والأمثلة كثيرة لتحرر الشعوب بعدد بلاد العالم اليوم والأمس وأول أمس.. تتغير وتتبدل الامبراطوريات ولكن الشعوب لا تموت، وجذوة التحرر لا تنطفئ، من القِدم ومرورًا بالفرس والروم ثم فرنسا وبريطانيا ثم الاتحاد السوفيتى وأمريكا إلى الغد القريب حيث الصين وروسيا.. الخ.


 

لذلك لم أندهش وأنا أتابع التسريبات الإسرائيلية بشروط نتنياهو لوقف الحرب، ومنها مراقبة الحدود السورية بقوات دولية طبقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتجريد أهل الجنوب اللبنانى من سلاحهم وتسليمها للجيش اللبناني، والتأكد من أن حزب الله لا يعيد تسليح نفسه مرة أخرى.. 

 

ومنح سلاح الجو الإسرائيلي حرية العمل في المجال الجوي اللبناني، ووضع الحدود تحت رعاية قوات دولية طبقا للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، والسماح لإسرائيل بالمراقبة الجوية والمالية والعسكرية لأهل الضاحية والجنوب، والسماح للنازحين على جانبي الحدود بالعودة إلى منازلهم وانتخاب رئيس لبناني الآن وليس غًدا.. الخ.

 
طبعًا هناك عدة ملاحظات ومفارقات عديدة في وثيقة المبادئ الصهيونية، أقصد وثيقة الاستسلام.. المفارقة الاولى أنها تستند الآن إلى ميثاق الأمم المتحدة، وتطلب قوات دولية تحت الغطاء الأممي في الوقت الذي رفضت فيه من قبل كل قرارات الجمعية العامة محتمية بفيتو البلطجة الأمريكى!


المفارقة الثانية أنها تطلب حماية دولية لانتهاك مستمر تقوم به في مراقبة كل شئ في لبنان، ووصل الأمر إلى المراقبة المالية للمواطنين خشية تسرب أموالها إلى حزب الله، والأكثر مأساوية هو مطالبتها بانتخاب رئيس لبنانى الآن وليس غدًا، وربنا يستر ولا يصر نتنياهو على إرسال أحد الجنرالات الإسرائيليين لتولي المنصب!

       
والسؤال إذا كان نتنياهو يشعر بزهو الإنتصار وهو يشرب دماء الآف الضحايا في غزة ولبنان بالإضافة إلى كئوس دماء خاصة من دم إسماعيل هنية ويحيى السنوار وحسن نصرالله، فلماذا يطلب الحماية أو الرعاية الدولية؟!


ولأن هذه الطلبات مبطنة بمغالاة كبرى أشار موقع أكسيوس الأمريكى -نقلا عن مصدر أميركي- إلى أن المجتمع الدولي قد لا يوافق على شروط إسرائيل المتضمنة بوثيقة المبادئ! باختصار هى اتفاقية استسلام من سوريا ولبنان وغزة وإيران والحوثيين وتشبه شروط كولن باول بعد سقوط بغداد، وشروط المنتصرين في الحرب العالمية الأولى والثانية! والأمر كذلك سيكون في غزة بل يمكن أن يكون أكثر قسوة!

 


والسؤال الذى لا يتوقف عنده المجتمع الدولي الذى أصيب بفيروس اللإنسانية.. هل تصلح مثل هذه الاتفاقيات في ظل مواثيق الأمم المتحدة التى تدعم تحرر الشعوب من محتليها، وحريات وحقوق الانسان، أم أن شريعة الغاب هي السائدة والتصفيق الدائم للبلطجى والفتونة خاصة لو كان الداعم له بل والمشترك معه، أو بالأصح المعلم الكبير هوالساكن دومًا فى البيت الأبيض!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية