الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة سيف الله المسلول ( 1 – 3 )
في هذه السلسلة، نتناول استعراضا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
خالد بن الوليد "سيف الله المسلول" عانى منه المسلمون كثيرا قبل إسلامه، فكان وراء نكبة "أُحُد"، وكاد يقتحم المدينة في غزوة "الخندق"، ثم أسلم وحَسُن إسلامه، وكانت له انتصارات خارقة على المشركين وأعداء الإسلام.. وتقبل قرار عمر بن الخطاب بعزله، وهو في أوج عظمته ومجده.. ثم اعتزل الحياة العامة، لمدة 4 سنوات، حتى توفي على سريره، فكان ذلك أشد على نفسه من أي مصيبة، فقد كان يتمنى الشهادة.
هو أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة، ينتهي نسبه إلى “مرة بن كعب بن لؤي” الجد السابع لسيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر الصديق، رضي الله عنه.
وأمه هي “لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية”، وقد ذكر “ابن عساكر”، في تاريخه، أنه كان قريبًا من سن عمر بن الخطاب.
وينتمي خالد إلى قبيلة “بني مخزوم” أحد بطون قريش التي كانت إليها “القبة” و”الأعنة”، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.
وكان منهم الكثير من السابقين للإسلام؛ منهم: “أبو سلمة بن عبد الأسد”، وكان في طليعة المهاجرين إلى الحبشة، و”الأرقم بن أبي الأرقم” الذي كانت داره أول مسجد للإسلام، وأول مدرسة للدعوة الإسلامية.
كان خالد بن الوليد، أحد سبعة أخوة من الذكور، لأب كان يُعد أحد زعماء القبيلة.
كان أغنى أبناء زمانه، يمتلك الذهب والفضة والبساتين التى تمتلئ بما لذّ وطاب من الفاكهة، وصفوف من الخدم والجوارى والعبيد، لذا كان يُسمى بـ "ريحانة الشرق".
إسلامه
أسلم خالد في (صفر 8 هـ، يونيو 629م)؛ أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.
ويروى في سبب إسلامه: أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال للوليد بن الوليد أخيه، وهو في عمرة القضاء: "لو جاء خالد لقدّمناه، ومن مثله سقط عليه الإسلام في عقله"، فكتب الوليد إلى خالد يرغبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيه، فكان ذلك سبب إسلامه وهجرته.
وقد سُرَّ النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، بإسلام خالد، وقال له حينما أقبل عليه: "الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلًا رجوتُ ألا يسلمك إلا إلى خير".
طالع أيضا: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة فاطمة الزهراء
وكانت أولى حلقات الصراع بين خالد والمشركين، في (جمادى الأولى 8هـ، سبتمبر 629م) حينما أرسل رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، سرية الأمراء إلى “مؤتة” للقصاص من قتلة “الحارث بن عمير” رسوله إلى صاحب بصرى.
وجعل على هذا الجيش: “زيد بن حارثة” ومن بعده “جعفر بن أبي طالب”، ثم “عبد الله بن رواحة”، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي، صلى الله عليه وسلم، وبات المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا “خالدًا” قائدًا عليهم.
واستطاع “خالد” بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى خالد، في تلك المعركة، بلاء حسنًا، حتى تكسرت في يده تسعة أسياف.
وقد أخبر النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أصحابه باستشهاد الأمراء الثلاثة، وأخبرهم أن خالدًا أخذ اللواء من بعدهم، وقال عنه: "اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره". فسُمِّيَ خالد "سيف الله" منذ ذلك اليوم.
وبرغم قلة عدد جيش المسلمين الذي لا يزيد عن ثلاثة آلاف فارس، فإنه استطاع أن يلقي في روع الروم أن مددًا جاء للمسلمين بعد أن عمد إلى تغيير نظام الجيش بعد كل جولة، فتوقف الروم عن القتال، وتمكن خالد بذلك أن يحفظ جيش المسلمين، ويعود به إلى المدينة استعدادًا لجولات قادمة.
فتح مكة
وحينما خرج النبي في نحو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار؛ لفتح “مكة” في (10 من رمضان 8هـ، 3 من يناير 630م)، جعله النبي على أحد جيوش المسلمين الأربعة، وأمره بالدخول من "الليط" في أسفل مكة، فكان خالد هو أول من دخل من أمراء النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، بعد أن اشتبك مع المشركين الذين تصدوا له وحاولوا منعه من دخول البيت الحرام، فقتل منهم ثلاثة عشر مشركًا، واستشهد ثلاثة من المسلمين، ودخل المسلمون مكة، بعد ذلك، دون قتال.
وبعد فتح مكة أرسل سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، خالدًا في ثلاثين فارسًا من المسلمين إلى "بطن نخلة” لهدم العزى أكبر أصنام قريش وأعظمها لديها.
ثم أرسله في نحو ثلاثمائة وخمسين رجلًا إلى "بني جذيمة" يدعوهم إلى الإسلام، ولكنه بما عُرف عنه من البأس والحماس، قتل منهم عددًا كبيرًا برغم إعلانهم الدخول في الإسلام؛ ظنًا منه أنهم إنما أعلنوا إسلامهم لدرء القتل عن أنفسهم، وقد غضب الرسول، صلى الله عليه وسلم، لما فعله خالد وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وأرسل عليًا بن أبي طالب لدفع دية القتلى.
غزوة حنين
وفي “غزوة حنين” كان خالد على مقدمة خيل "بني سليم" في نحو مائة فارس، خرجوا لقتال قبيلة "هوازن" في (شوال 8هـ، فبراير 630م)، وقد أبلى فيها خالد بلاءً حسنًا، وقاتل بشجاعة، وثبت في المعركة بعد أن فرَّ من كان معه من بني سليم، وظل يقاتل ببسالة وبطولة حتى أثخنته الجراح البليغة، فلما علم النبي بما أصابه سأل عن رحله ليعوده.
ثم كان على رأس جيش المسلمين حينما خرج إلى "الطائف" لحرب "ثقيف" و"هوازن".
ثم بعثه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى "بني المصطلق" سنة (9هـ، 630م)، ليقف على حقيقة أمرهم، بعدما بلغه أنهم ارتدوا عن الإسلام، فأتاهم خالد ليلًا، وبعث عيونه إليهم، فعلم أنهم على إسلامهم، فعاد إلى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبره بخبرهم.
وفي (رجب 9هـ، أكتوبر 630م) أرسل النبي خالدًا في أربعمائة وعشرين فارسًا إلى "أكيدر بن عبد الملك" صاحب "دومة الجندل"، فاستطاع خالد أسر أكيدر، وغنم المسلمون مغانم كثيرة، وساقه إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، فصالحه على فتح "دومة الجندل"، وأن يدفع الجزية للمسلمين، وكتب له النبي، صلى الله عليه وسلم، كتابًا بذلك.
وفي (جمادى الأولى 1هـ، أغسطس 631م) بعث النبي خالدًا إلى "بني الحارث بن كعب" بنجران في نحو أربعمائة من المسلمين، ليخيرهم بين الإسلام أو القتال، فأسلم كثير منهم، وأقام خالد فيهم ستة أشهر يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه، ثم أرسل إلى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، يخبره بإسلامهم، فكتب إليه النبي يستقدمه مع وفد منهم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.