الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة إبراهيم ابن رسول الله
في هذه السلسلة، نتناول استعراضا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
في هذه الحلقة، نستعرض مشاهد فراق البيت النبوي للوليد المحبوب إبراهيم بن سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وزوجته السيدة مارية، والحزن الذي خيم على بيوت المدينة المنورة، وجموع المسلمين، الذين أصابهم الاكتئاب لما رأوا من حزن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى أن الدموع انسالت ساخنة من العينين الشريفتين، وهذه أول مرة يرون فيها الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم، يبكي لموت أحد.
أصابت الحيرة المهاجرين والأنصار، واندفعوا يحاولون التخفيف من وقع الخبر، ولوعة الفراق على سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.
زواج الرسول من مارية
ولنبدأ القصة من أولها؛ حيث تزوج سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، من مارية القبطية، التي أهداها إلى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، المقوقس حاكم الإسكندرية، وأرسلها له مع حاطب بن أبي بلتعة.
وعرض عليها حاطب الإسلام فأسلمت، وأسكنها رسول الله بالعالية، فحملت بإبراهيم وأنجبته هناك، وقد ولّدتها سلمى مولاة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم.
فجاء أبو رافع زوج سلمى إلى النبيّ يبشّره بمجيء ابنه، فأهداه رسول الله هديّة فَرحًا بتلك البشرى، ولما أراد أن يسمّيه قال: “وُلِدَ لي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ باسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ”.
ميلاد إبراهيم
وقد وُلِد إبراهيم في شهر ذي القعدة من السنة الثامنة للهجرة، وقد كانت أُمّه قليلة اللّبن، فبدأ نساء الأنصار يتسابقْن لإرضاعه، فأرضعته أُم سيف، وكان زوجها حدادًا.
اقرأ أيضا: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة خديجة
ويصف أنس بن مالك، رضي الله عنه، رحمةَ رسول الله بأبنائه فيقول: "كانَ إبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضَعًا له في عَوَالِي المَدِينَةِ، فَكانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ معهُ، فَيَدْخُلُ البَيْتَ وإنَّه لَيُدَّخَنُ، وَكانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا (زوج مرضعته.. قينا: أي حداد)، فَيَأْخُذُهُ فيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ)، ثمّ أخذته أمّ بردة بنت المُنذر الأنصاريّ، وزوجها من بني مازن، ليبقى عندها فتُرضعه، ثم تعودُ بِهِ لأمّه كي تراه.
فرح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بولادة ابنه إبراهيم فرحًا شديدًا، فلازمه ولم يفارقه، وكان ينظر إلى وجهه باستمرار ويأخذه إلى حضنه، ثم يحمله ويطوف به على زوجاته، يُخبرهنّ عن الشّبه الذي بينهما.
وعندَ ولادته طلبَ رسول الله حلْق شعر رأسه، فحلقه أبو هند البياضي من الأنصار، وأخرجَ رسول الله فضّةً بوزن شعره صدقةً، ثم دفن شعره في التّراب، وذلك في اليوم السّابع من ولادته، وأُتي بكبشٍ فذبحه عقيقةً عنه.
وإبراهيم هو الولد الوحيد الذي رزقه الله به من غير السيدة خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها.
وفاة إبراهيم
بَعث مجيء إبراهيم الفرح والأمل والسرور في بيت النبوة، وما لبِث إبراهيم حتى مرض، فقامت ماريّة وأختها سيرين بتمريضه، لكن المرض كان يزداد، حتى بانت عليه علامات الاحتضار ودنوّ الأجل، فبعثت أمّه لسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، تخبره، فحزن حزنًا شديدًا.
وقدم إليه فوجده في حضن أمّه، فتناوله منها وضمّه إلى صدره وبكى، وكانت أمّه وخالته تبكيان.
وفاضت روح إبراهيم إلى بارئها، وانطفأت شمعة الأمل التي أنارت بقدومه، فقال رسول الله: "يا إبراهيمُ، لولا أنه قولٌ حقٍّ، ووعدُ صادقٍ، وسبيلُ مأتيّةٌ، وأن آخرَنا يلحقُ بأولنا؛ لحزنّا عليكَ حزنا هو أشدُّ من هذا".
ثم أراد أن يخفف عن مارية ويواسيها، فقال: "إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ".
وقال، صلى الله عليه وآله وسلم: "إن له مرضعًا في الجنة تُتِمُّ رضاعه".
وحضرته المنيّةُ أثناء وجوده في بيت أمّ بردة، وعُمرهُ ثمانيةَ عشرَ شهرًا، وقيل ستةَ عشرَ شهرًا، فقام بتغسيله الفضل بن العباس عمّ النبي، ويُقال إنّ التي غسّلته هي أم بردة، ووضعوه على سريرٍ صغيرٍ، وأمر النبيُّ أن يُدفنَ بجانب عثمان بن مظعون في البقيع، فجلس رسول الله على حافة القبر، ونزل فيه الفضل وأسامة بن زيد فدفنوه، وطلب رسول الله حجرًا فوضعه عند رأس إبراهيم، ورشّ على قبره الماء.
واقتضت حكمة الله وفاة إبراهيم؛ كون رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، آخر الأنبياء، ولو كان هناك نبيٌّ بعدهُ لعاشَ إبراهيم.
كسوف الشمس
ووافق موته كسوف الشمس، فقال قوم: "إن الشمس انكسفت لموته"، فخطبهم رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله، عز وجل، والصلاة".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.