رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة فاطمة الزهراء

 السيدة فاطمة الزهراء،
السيدة فاطمة الزهراء، فيتو

في هذه السلسلة، نتناول استعراضا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
اليوم، نعرض قصة وفاة السيدة فاطمة الزهراء، بنت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وسيدة نساء أهل الجنة، رضي الله عنها.

لم تعرف الدنيا حزنا كحزن الأرض والسماء يوم انتقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، ولم يواجه المسلمون مصيبة كمصيبة فقدانهم لرسول الله، صلى الله عليه وسلم.. وكانت السيدة فاطمة، أشد الناس حزنا وجزعا على أبيها الحبيب، الذي كان يدعوها "أم أبيها" لفرط حبه لها، وعطفه وحنانه عليها؛ فهي قد عوضته عن رحيل زوجته الحانية السيدة خديجة، رضي الله عنها.

بعد انتقال الحبيب، صلى الله عليه وسلم

السيدة فاطمة لم تُرَ ضاحكة، بل ولا مبتسمة، فى مدة بقائها بعده صلى الله عليه وسلم، لأنها كانت تذوب من حزنها عليه، وشوقها إليه.

كانت وفاة السيدة فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، بعد انتقال النبيّ، صلى الله عليه وآله وسلم، بستة أشهرٍ، وبالتحديد في عهد أبي بكر الصدِّيق، رضي الله عنه، فقد صحّ في الحديث عن أبي بكر: "وعَاشَتْ بَعْدَ رَسولِ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ".

والسيدة فاطمة كانت أولّ أهل بيته، صلى الله عليه وآله وسلم، لحوقًا به إلى الدار الآخرة.

وممّا يدل على ذلك ما ثبت في الصحيح عن عائشة، رضي الله عنها، أنّ فاطمة حدّثتها أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أسَرَّ إلَيها، فقال: "إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ".

السيدة فاطمة الزهراء

والسيدة فاطمة الزهراء هي فاطمة بنت محمّدٍ بن عبدالله بن عبد المُطّلب بن هاشم بن عبد مناف، الهاشميّة، القُرشيّة، سيّدة نساء أهل الجنّة، وأصغر بنات رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأمّها هي أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها.
وُلِدت فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، قبل بعثة النبيّ، عليه الصلاة والسلام، بخمس سنواتٍ، وكانت تُكنّى بأمّ أبيها، وبالزهراء، وقد تزوّجها علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في العام الثاني للهجرة بعد غزوة بدر، فأنجبت منه: الحسن، والحُسين، ومُحسن، وأمّ كلثوم، وزينب، رضي الله عنهم.
وليس غريبًا أنْ تكون فاطمة، رضي الله عنها، مثالًا رائعًا في حُسن الخُلق؛ فقد نشأتْ في بيت النبوة، وبعد أن تزوّجت كانت نِعْم الأمّ، ومثالًا يُقتدى به في الدعوة إلى الإسلام، وتربية الأبناء، وأداء حقوق الزوج، وبرّ الوالدين؛ فقد كانت تخدم أبيها -عليه السلام-، وترقُب مسيرته في الدّعوة، وتدفع عنه بمشاعر الابنة البارّة ما استطاعت من الأذى.
ولم تغفل عمّا يجب عليها من عبادة الله سبحانه، فكانت تتبتّل إلى ربّها بالصلاة، وقيام الليل، وتلاوة القرآن الكريم، زهدت في الحياة الدنيا، وصبرت على ما فيها، واحتسبت ذلك كلّه عند ربّها.

اقرأ أيضا: الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة خديجة

وقد تعدّدت آراء المحققين والمؤرخين في تحديد عُمر فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، عند وفاتها على النحو الآتي:
ذهب الإمام الذهبيّ، رحمه الله، إلى أنّ عمرها كان أربعًا أو خمسًا وعشرين عامًا. 
وبيَّنَ المدائنيّ أنّها تُوفِّيت ليلة الثلاثاء في الثالث من شهر رمضان من العام الحادي عشر للهجرة، وكان عمرها حينئذٍ تسعًا وعشرين سنةً، ووافقه الرأي الواقديّ، وابن الأثير. 
وذهب سعيد بن غُفير، رحمه الله، إلى أنّها تُوفِّيت وهي بنت سبعٍ وعشرين سنة، إذ ورد أنّه قال: "ماتت ليلة الثلاثاء، لثلاث خلَون من شهر رمضان، سنة إحدى عشرةَ، وهي بنت سبع وعشرين سنةً، أو نحوها".

أول من صُنِع لها النعش

وكانت فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، أوّل من صُنِع لها النَّعش عند وفاتها كما ذكر ابن عبد البرّ، رحمه الله؛ والنَّعش هو: ما يُحمَل عليه الميّت، ويتكوّن من سريرٍ يُغطّى بقماشٍ، ويُوضع على القصب، أو جريد النخل، أو الخشب؛ ليُشكّل قُبّةً فوق سرير المرأة؛ ليسترها.
وقد صُنِع النَّعش للسيدة فاطمة، رضي الله عنها؛ استجابةً لوصيّتها، علمًا بأنّ عليًّا بن أبي طالب، وأسماء بنت عُميس، رضي الله عنهما، هما من تولّيا غسل فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، ولم يُسمَح لأحدٍ سواهما من الدخول عليها عند التغسيل.

حزن علي بن أبي طالب

وعلى الرغم من شدة حزنه، وألمه، لفَقْده زوجته فاطمة الزهراء، رضي الله عنها، إلا أن عليًّا بن أبي طالب، رضي الله عنه، تولّى أمر دفَنها، وكان دَفنها في الليل.
وأكد الحافظ، رحمه الله، أنّ سبب دَفنها ليلًا يرجع إلى وصيّتها؛ وذلك لأنّها كانت تتحرّى الزيادة في السَّتْر، وقد اختلفت الروايات في بيان مَن صلّى عليها؛ لكن الأرجح أنّ عليًّا بن أبي طالب، رضي الله عنه، هو مَن صلّى عليها.
أمّا قَبْرها، رضي الله عنها، فقد وردت العديد من الروايات التي تُحدّد مكانه بالتفصيل؛ فقد دُفِنت، رضي الله عنها، في البقيع بالقُرب من الزقاق التي تَلي زاوية دار عقيل، وقِيل إنّ القبر بالقُرب من زاوية دار عقيل ممّا يَلي دار أبي نبيه.
ولما حضرتها الوفاة أوصت إلى أسماء بنت عميس، زوجة أبي بكر، أن تغسلها فغسلتها هى وعلى ابن أبى طالب وسلمى أم رافع.
وروي أيضا أنها اغتسلت قبل وفاتها، وأوصت بأن لا تُغَسَّل بعد ذلك، لكنه رأي ضعيف.
ودفنت ليلا، وذلك ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة.
والصحيح ما ثبت فى الصحيح من طريق الزهرى عن عروة، عن عائشة أن فاطمة عاشت بعد النبى 
ستة أشهر، ودفنت ليلا.
 


ومن شدّة حُزن ومُصاب المسلمين بفَقْد بنت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم؛ فقد عمّ الحُزن أرجاء المدينة، وفاضت المدامع حتى ابتلّت لِحى الصحابة، رضي الله عنهم؛ ألمًا، وحُزنًا على فراق آخر أبناء نبيّهم، عليه الصلاة والسلام.
وكان أشدّ الناس حُزنًا لوفاة الزهراء زوجها عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه؛ إذ أنشد قائلًا في وفاتها، رضي الله عنها:
لكلِّ اجتماعٍ من خليلَين فُرقةٌ.. وكلُّ الذي دون الفراق قليلُ 
وإن افتقادي واحدًا بعد واحد.. دليلٌ على أن لا يدومَ خليلُ


ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية