كسر الحالة الهتلرية!
ظهرت وجوه كل من نتنياهو رئيس حكومة الإرهاب والتطرف، ويوآف جالانت وزير دفاعه ثم رئيس الأركان هاليفي، ظهرت جميعها يوم أمس مكسورة، حزينة، سقط عنها الجبروت، وانحسرت موجة الانتشاء، بعد أن تلقت كتيبة كاملة من لواء النخبة جولاني هزيمة ثقيلة، واستقبلت إسرائيل عيد رأس السنة العبرية بالسواد والأكفان.. اللهم سود كل أيامهم!
خسرت إسرائيل 47 جنديا بين قتيل وجريح، خرج لهم رجال المقاومة اللبنانية من أنفاق الجنوب، وواجهوهم من المسافة صفر، فى قتال مباغت، وتراجع الباقون من القوة الاسرائيلية، وواصلت المقاومة قنص من جاءت المروحيات لانقاذه!
لا يمكن عزل ما جرى أمس عما جرى أول أمس، فقد أطلقت إيران 200 صاروخ باليستي، في وابل متلاحق من القذائف، على مطارات وقواعد عسكرية في قلب إسرائيل من سبع مناطق في إيران، وفي توقيت متزامن، أطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخه الجديدة المتطورة الفرط صوتية نحو أهداف محددة، وصلت في زمن من سبع إلى اثنتي عشر دقيقة.. ذاق الإسرائيليون طعم الذعر والهلع، وهرول نتنياهو إلى مخبئه كما هرول ملايين الصهاينة إلى الملاجئ.
كالعادة تكذب إسرائيل في أعداد قتلاها، تذكر بعض الأرقام المخففة، وكالعادة لم يصدق الرأي العام العربي. إن صواريخ إيران ليست البمب المعتاد الذي استخدمته في عملية الوعد الصادق في إبريل الماضي ردا علي اغتيال دبلوماسييها في دمشق.
الوعد الصادق -2، هو إسم الموجة الإيرانية الحقيقية التى بلغت أهدافها بنسبة ٩٠% كما أعلن الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، إنتقاما لمقتل إسماعيل هنية زعيم حماس بقلب طهران، وثأرا لاغتيال الشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.
تلك تفاصيل أساسية لما جرى ويجرى، والحق أننا قبل الضربة الإيرانية كانت المنطقة أمام غرور كاسح ظهر على نتنياهو الذي بات يعتقد أنه قادر علي رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، كأن المنطقة تحت جناحيه، وقسم دول الإقليم إلي محور النقمة ومحور النعمة، واستخدم خريطة أمام دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلينا أن نختار!
كان نتنياهو محلقا في السموات، بعد نجاح مخابراته في تنفيذ سلسلة اغتيالات لرموز وقادة حزب الله، وأخطرها بالطبع قتل حسن نصرالله، وعكست ملامحه وكلماته حالة هتلرية، فانطلق مع وزير دفاعه ورئيس أركانه يهددون أن لا مكان في الشرق الأوسط بعيد عن طائراتهم ومخابراتهم.
من الملفت للنظر اتفاقهم جميعا علي استخدام تعبير الشرق الأوسط، دون تحديد، لكي يعم التهديد من يشاء. دول الشرق الأوسط هي الإقليم العربي، وتركيا وإيران، فمن يقصد من هؤلاء؟ إن معركتهم مع إيران، ومع المقاومة في غزة، وفى لبنان، فلماذا توسيع مدى التهديد بأنهم قادرون علي بلوغ جميع دول الشرق الأوسط.
تلقت تركيا والدول العربية تصريحات نتنياهو الحمقاء بالصمت، لأنها لا تستحق الرد بوصفها خارجة من رجل مخمور بانتصارات سريعة.. هو لا يستطيع أن يهدد تركيا ولا مصر ولا السعودية، لكنه يستطيع أن يطلق تعميما يستعرض فيه قوته.
في هذا السياق يمكن فهم الأهمية الكبيرة للأمطار الصاروخية الايرانية المدمرة التى تعرضت لها إسرائيل لأول مرة في تاريخها. صواريخ نالت أهدافها وكذبتها إسرائيل ثم عادت لتؤكد وتعترف أن قواعدها العسكرية تعرضت لأضرار جسيمة.. تعبير معتاد مثل تعبيرهم هذا يوم صعب، كلاهما يعني خسائر كبيرة..
إنها بركات شهر أكتوبر عادة.. عبرنا وهزمناهم في 6 أكتوبر 1973، وتلقوا هزيمة كاملة من حماس في 7 أكتوبر 2023، ودخل حزب الله جبهة إسناد في 8 أكتوبر 2023، ثم الضربة الصاروخية الإيرانية في أول أكتوبر 2024، والخسائر الفادحة لكتيبة النخبة الاسرائيلية في الجنوب اللبناني 2 أكتوبر 2024.
إيران استردت جانبا كبيرا من اعتبارها الاستراتيجي في المنطقة، وانحسرت عنها صفة نمر من ورق، وإسرائيل تعلمت أن القوة المدمرة ليست حكرا عليها..
واليوم وغدا نترقب الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني، ثم الرد الإيراني على الرد الإسرائيلي.. وهكذا.. ونتابع.