رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا نفعل لليد التي ربتت على الكتف وقت الحزن؟

في زوايا الروح، حيث تلتقي الأشواق بالأحزان، يبرز سؤال يتأرجح بين القلب والعقل، سؤال يعكس حالة إنسانية عميقة: ماذا نفعل لليد التي ربتت على الكتف وقت الحزن؟ تلك اليد التي كانت تمثل لنا مصدر الأمان، تزرع الطمأنينة في صدورنا وتخفف عنا وطأة الألم، ماذا نفعل حيالها بعد ما فعلته لنا؟

 

يا صديقي، نحن نرى تلك اليد وكأنها وردة ذات عطر خاص، لا يشبه أي عطر آخر. حينما نلتفت إليها، تغمرنا ذكرياتنا الجميلة، نتأملها بتمعن، كما ينظر الظمآن إلى غيمة في سماء صافية. نقتطف تلك اللحظات، نغمرها بنظرات الإعجاب، نشمها بعمق وكأننا نحاول أن نسترجع لحظات السعادة التي كانت تحتضننا، ونغمض أعيننا في غفوة من الحنين.

 

لكن، وبكل أسف، تأتي اللحظة التي نلقي بها إلى الطريق، حيث نركض بحثا عن يد أخرى خذلتنا، يد كنا نظن أنها ستمنحنا الدفء، لكنها أدارت ظهرها لنا في أحلك لحظاتنا.. نتسابق لنحتضن تلك اليد الجديدة، أو ربما القديمة، نحرص على تدليلها، نغسلها بماء الورد، نلبسها خاتما لامعا يرمز لوعد جديد، ونتقبلها برغبة شديدة في التعويض عن الألم.

 

إنه لأمر محزن كيف أن قلوبنا تلهث وراء الأيادي الجديدة والقديمة، في حين أن تلك اليد التي ربتت علينا، كانت السبب وراء طمأنتنا في الماضي، كانت السند الذي يخفف عنا وطأة الفراق.

 

يا صديقي، في زحمة الحياة، نصبح أسرى للأوهام، نبحث عن الفرح في أي مكان، حتى لو كان ذلك يعني تجاهل اليد التي صنعت الفارق في حياتنا، تلك اليد التي بقيت حين رحلت كل الأياد.

 

تلك اليد، رغم انكسارها، تبقى محطا لذكريات لا تمحى، تزرع فينا قوة لا نعرف كيف نعبر عنها. فكلما تذكرنا لحظات الألم، نعود إلى تلك اليد، نحتفي بها، ونعيد النظر في قيمتها. فالحياة ليست مجرد استبدال الأيادي، بل هي فن الاعتراف بتضحيات من رافقونا، بتلك الأيادي التي كانت تحس معنا وتشعرنا، وتذكير بأن الحب لا يموت، بل يتجدد ويزهر في أماكن لم نتوقعها.

 

 

لذا، فلنحتفظ بتلك اليد التي ربتت على الكتف وقت الحزن، ولنمنحها حقها من الحب والتقدير، فهي ليست مجرد يد، بل هي رمز من رموز الرحمة والحنان التي نحتاجها في زحمة الحياة، تشبه الورد الذي يجب أن نعتني به، وأن نحتفظ بعطره في ذاكرتنا إلى الأبد.

الجريدة الرسمية