كل يوم جثث.. كل يوم جثث!
اعتياد القتل والذبح والهدم وهتك الأعراض، للرجال والنساء، يجردنا من انسانيتنا، فمن المحزن حقا أن صارت جثث الالاف المؤلفة من افراد الشعب الفلسطيني مجرد أرقام، جثث ممزقة، جثث مبعثرة، ملاءات بيضاء تحمل بقايا انسان، كانت له أحلام وأسرة وناس وعلاقات، مزقته قنابل أمريكا تمزيقا..
ومن دواعي السخرية أن كل هذه المذابح تثير في إدارة امبراطورية الشر الأمريكية، منبع المصائب والشرور في الكوكب، شوية قلق؛ وهي أصلا من يصنع القلق، ويحيك المؤامرات، ويبث الخراب والدمار في أي بلد يعارضه، ما لم يكن مدججا بالنووي، فتعمل له مليون حساب.. زعيم كوريا الشمالية فهم أصول التعامل مع دولة قامت علي الذبح والقتل وإبادة السكان الأصليين..
إعتياد أرقام الشهداء والجرحى جريمة في حق أي ضمير إنساني، رغم موت الضمير الدولى، ومن المضحك المبكي حقا، أن تعزف واشنطن لحنا فترقص عليه أوروبا، تقول واشنطن أنها تشعر بالقلق لقتل المدنيين، بسلاحها القذر، فيرد جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي. أنه هو الأخر يشعر بالرعب. بايدن قلقان، وبوريل مرعوب.
طوال الأربع والعشرين ساعة تمتلئ شاشات الأخبار بفيديوهات الجثث في الأكياس البيضاء، والملاءات البيضاء، ووجوه أطفال معفرة بالسواد مختلطا بالدم بالغبار بالفسفور.. وهذا يجعل الضمير الأوروبي الأمريكي قلقا ومرتعبا.
وفي الساعات الأخيرة من هذا الأسبوع تمطعت أمريكا ودعت مصر وقطر إلي التوقيع علي بيان مشترك لوقف إطلاق النار وبدء تنفيذ صفقة التبادل.. ومصر تعلم بيقين أن المسعور النازي لن يتنازل عن أهدافه الاجرامية، وواشنطن تعلم أنه يتلاعب بها ويقتل الوقت كما يقتل الفلسطينيين أملا في وصول ترامب بعد ثلاثة أشهر..
وتعلم الدوحة كما يعلم العالم أنه رجل كاذب، لا عهد ولا شرف كلمة له، لكن العاصمتين الوسيطتين تستنفدان كل سبل المحايلة مع مجرم حرب رسمي، وفي التحليل النهائي فإن هذا البيان، يعلم كل الموقعين عليه أن نتنياهو سيوافق عليه الصبح، وفي الظهيرة سيصنع مذبحة تنسفه وتلقي به تحت أنقاض غزة، والحرج سيكونون نصيبنا نحن والقطريين الذين نشف ريقهم هم ونحن..
بينما لن تشعر ادارة بايدن بأي حرج لأنها فقدت انسانيتها وتمارس الخداع المكشوف، وهي إدارة مفضوحة أمام العالم، وباتت الولايات المتحدة، الحضارة العظيمة، رمزا للبلطجة وتخويف العالم وبث الكراهية ونشر الفتن ولو أحصيت عدد من قتلتهم أمريكا في كل الحروب لبلغت الملايين من القتلي والمشوهين والمعاقين.
يمكن القول أيضا ان البيان كان جزرة لتتوقف ايران وتتدبر الموقف، فلا تهاجم إسرائيل انتقاما لقتلها إسماعيل هنيه بقلب طهران، حتي لا تفسد لقاء الخميس المقبل بالقاهرة أو الدوحة.. وهو ما أفسده المجرم النازي القاتل بنيامين نتنياهو.. بالفعل كالعادة قبل أن يبدأ.
إعتياد عد الجثث يجعل الضمير ميتا ويجمد المشاعر، ويجعل الانسان يردد كلام سفاحين إعتادوا القتل..
ونتابع..