رئيس التحرير
عصام كامل

تكلفة انتظار الانفجار

يحبس الجميع أنفاسهم، ترقبا للفصل الدموى الكبير الذى سيضرب منطقة الشرق الأوسط. منذ الإغتيال الذي نال من فؤاد شكر رئيس أركان حزب الله ومهندس عملياته في معقل الشيعة بجنوب بيروت، وترقب الجميع رد فعل حسن نصر الله زعيم حزب الله.. 

وفي كلمته توعد وأعلن فتح الساحات، وأن قواعد الاشتباك سوف تتغير، لكنه إلتزم بها في اليوم التالي لكلمته التى نعى فيها شهداء الحزب، وبعد بضع ساعات، من ثمانية مساء، حتى الثانية من صباح اليوم التالي، الثلاثاء، إرتكب نتنياهو مغامرته الجنونية الثانية باغتيال محكم التدبير ل إسماعيل هنية المفاوض الرئيسي وزعيم حماس المنتخب، في قلب العاصمة الايرانية طهران.


منذ ذلك اليوم والعواصم في الاقليم والغرب تنتظر البلاء الكبير، ومن المضحك أن يرسل نتنياهو رئيسي الشاباك والموساد إلي القاهرة تحت توبيخ وزجر وشخط مسرحي من واشنطن، رغم أن حماس من المستحيل أن تشارك في أي صفقة في الوقت الحاضر، وبرر الاسرائيليون حضور وفدهم الأمنى بآنه استجابة لقلق مصر بشأن الوجود العسكرى لهم في محور فيلادلفيا.


التكلفة السياسية حتى الآن دون التكلفة الاقتصادية المتوقعة للدمار إذا أتخذ المنحى الذي توعدت به طهران، من أن الرد علي مغامرات إسرائيل سوف يكون قاسيا قاصما، والحق أنه يمكنك أن تضيف بضعة أوصاف مثل مزلزل، وغير مسبوق، كما اعتدنا في الخطاب الاعلامى المرسل للساسة في المنطقة.


لو تكاملت محاور الهجوم من طهران وجنوب لبنان ومن سوريا ومن اليمن ومن العراق، فإن إسرائيل ستواجه أمطارا صاروخية كثيفة، وصحيح أن المدمرات الأمريكية والقواعد الدفاعية للغرب مستعدة للدفاع عن إسرائيل وسندخل في فصل جديد هو الرد الاسرائيلي علي الرد الايراني اللبناني الإ أن الخراب الحقيقي لن يكون فقط في الدمار هنا وهناك، بل في التكلفة الاقتصادية الباهظة، فالكل خاسر جراء هذه البراكين المتفجرة منذ عشرة أشهر.


مصر على وجه أخص هي من تتحمل الفاتورة السياسية والاقتصادية لكل هذا القلق والاضطراب، ومن عجب أن تعلن أمريكا أنها تشعر بالقلق من القلق الذي صنعته هي ذاتها بدعمها للعصابة المجنونة الحاكمة في إسرائيل.


كما خسرنا بسبب حرب روسيا وأوكرانيا، نخسر بسبب حرب غزة، وغلق المجرى الملاحي الدولي في البحر الأحمر ومنع عبور السفن بالتهديدات الصاروخية لجماعة الحوثي الموالية لإيران وضرب السفن المتجهة إلي إسرائيل.


تتواصل مصر مع إيران للمرة الثانية، كما تتواصل عواصم عربية كبيرة، وهناك رسائل من واشنطن لطهران عبر وسطاء عرب بأن تمرر ما حدث أو تكون ضربتها محكومة بالعقل، وفي أضيق نطاق، في المرة السابقة ردت إيران بصواريخ شبه فارغة من المقذوفات أو بنصف قوة تدميرية ردا علي إغتيال مسئوليها في دمشق، مما آثار سخرية العالم، ولا نتصور أن إيران ستكرر التجربة، لأنه لو فعلت لسقطت مصداقيتها وهيبتها.


في كل ما يحدث، تجد مصر حاضرة، وتستجيب للجهود الهزلية الأمريكية، وتمضي مع الكذاب حتى باب الدار، والقاهرة تعلم أن نتنياهو لن يجلب السلام، ولا يريده، بل خدع بايدن بأن أظهر له الطاعة في واشنطن بعقد صفقة تبادل، بينما كان يضمر تنفيذ خطة الاغتيالات في بيروت وفي طهران.

 


الغليان سيد المشهد.. ويحمل معه سحبا سوداء كثيفة، وتوابع اقتصادية باهظة، يتحملها الاقتصاد المصرى.. لو إنفجر الموقف وخرج عن السيطرة.
ونتابع.. فالساعات المقبلة ساعات ساخنة.

الجريدة الرسمية