رئيس التحرير
عصام كامل

أهل الشهادات وأهل الاستقامة!

بعض الناس يفتخرون بما حصلوا عليه من شهادات وبما يحملون من ألقاب لكنهم لا يضيفون شيئا لمن حولهم ولا مجتمعهم وينسون دائما أن الشهادة مهما تكن.. ليست دائمًا دليلًا على رفعة النفس ولا الهمة العالية ولا الثقافة الواسعة ولا التأثير القوي في مسيرة البشرية، فالدليل على ثقافتك يتجسد في كلامك وسلوكك وعطائك وإنسانيتك..

 

انظر مثلا إلى أكثر الناس تأثيرا في التاريخ.. واقرأ إن شئت كتاب “العظماء مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم” لمؤلفه.. فلن تجد من بينهم من يحمل شهادة علمية مرموقة لا دكتوراه ولا غيرها.. وهنا يثور سؤال: هل هناك علاقة بين الشهادات العلمية الرفيعة وبين قدرة أصحابها على الإبداع أو العطاء الحضاري والإنساني..

 

بيل جيتس مثلا أو مارك زوكر بيرج وهما من أكثر العقول تأثيرا في العالم كله هل حصلا على دكتوراه.. ما أعلى شهادة علمية حصل عليها المفكر الكبير محمود عباس العقاد.. وهل حصل على دكتوراه محمد حسنين هيكل وهو الصحفي العربي الأكثر شهرة وتأثيرا في الحياة الصحفية والسياسية طيلة الحقبة الناصرية وربما حتى رحيله منذ سنوات، أو نجيب محفوظ الروائي العبقري صاحب نوبل..

 

ما سبق يؤكد بوضوح أن العبقرية ملكات ومواهب إختصها الله بأشخاص من خلقه لا علاقة لها بالشهادات.. وربما تجد أصحاب شهادات يغرقون في شبر ميه، وغاية ما يحسنونه هو الحفظ والاستظهار دون أن يعنى ذلك التقليل من شأن العلماء والعلماء.. فذاك موضوع آخر..

 

فليس كل من حصل على شهادة ماجستير أو دكتوراه يصلح لقب عالم أو مفكر.. وليس كل من لم يحصل على الدكتوراه والماجستير لا يصلح أن يكون عالما أو مبدعا لا يشق له غبار!
 

يقول الدكتور مصطفى محمود في كتابه نار تحت الرماد: "ليس العارفون هم حملة الشهادات.. وإنما هم أهل السلوك والخشوع والتقوى وهؤلاء قلة لا زامر لهم ولا طبال.. وليس لهم فى الدنيا راية ولا موكب.. وسلوكك هو شاهد عملك وليس الدبلوم أو البكالوريوس أو الجائزة التقديرية.


أما العارفون الذين هم العارفون حقًا فهم البسطاء. أهل الاستقامة والضمير الذين تراهم دائمًا فى آخر الصف.. إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا.. وإذا ماتوا لم يمش خلفهم أحد. هؤلاء إذا دفنوا بكت عليهم السموات والأرض وشيعتهم الملائكة".. اللهم إجعلنا منهم وإجعلنا من أهل رضوانك وممن أحسنوا العمل وأخلصوا النية.. أو ممن قلت فيهم “ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ”..اللهم آمين.

 


وأخيرا.. ما أكثر الذين حصلوا علي الماجستير والدكتوراه.. ولكن عقولهم خاوية.. والسؤال: كيف حصلوا علي هذه الشهادات.. لقد أن الأوان للتدقيق فيها.. وإنهاء المجاملات والمحسوبيات، وكل ما من شأنه إزهاق روح العدالة وتكافؤ الفرص!

الجريدة الرسمية