فضائل الصحابة ومناقب آل البيت.. نسيبة بنت كعب، الأنصارية المجاهدة

قال عنها الإمام الذهبي: "الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية. شهدت ليلة العقبة، وشهدت أُحُدًا والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة، وجاهدت، وفعلت الأفاعيل".
لقبُها "أم عمارة"، وهي: نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف، من بني مازن بن النجار الأنصارية النجارية، وهي أم الصحابيين عبد الله، وحبيب من بني زيد بن عاصم.
أخواها
أما أخوها فهو عبد الله بن كعب المازني من البدريين. ولها أخٌ يدعى عبد الرحمن، من "البكائين"، وهم السبعة الذين نزل فيهم قوله تعالى: "ولا على الذين إذا ما أتَوْكَ لتحملهم قلتَ: لا أجد ما أحملكم عليه، تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حَزَنًا ألّا يجدوا ما ينفقون". (سورة التوبة: 92).
إسلامها ومبايعتها
أسلمت ببركة مصعب بن عمير الذي أرسله سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة مبشّرًا بالإسلام.
وفي موسم الحج جاءت وفود المدينة حُجّاجًا إلى البيت الحرام، وفيهم المسلم والمشرك.
وعند العقبة تواعد النبي، صلى الله عليه وسلم، مع مسلمي المدينة فاجتمعوا به (بايعوه)، وكانوا ثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتين. وكانت إحدى المرأتين نسيبة بنت كعب.
وكانت البيعة: الدم الدم، والهَدْم الهدم. أي: ذمّتي ذمتكم، وحُرمتي حرمتكم.
في يوم أُحُد
ومن أعظم مواقفها ما كان منها يوم أحد، حيث شهدت الغزوة مع زوجها غَزيّة وابنيها.
قالت: خرجتُ وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء.. فلما انهزم المسلمون دنوتُ إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ أذُبُّ عنه بالسيف وأرمي بالقوس حتى خلُصَتْ إليّ الجراح. أقبل ابن قميئة يصيح: دُلّوني على محمّد، فلا نجوتُ إن نجا، فاعترض له مصعب بن عمير، وناسٌ معه، فكنتُ فيهم فضربني ابن قميئة ضربةً على عاتقي، ولقد ضربتُه على ذلك ضربات، ولكن عدوّ الله كان عليه درعان.
دفاعها عن سيدنا محمد
وقالت: قد رأيتُني وانكشف الناس عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فما بقي إلا في نفر ما يُتمُّون عشرة، وأنا وابناي وزوجي نذبُّ عنه، والناس يمرّون به منهزمين. ورآني لا تُرْسَ لي، فرأى رجلًا مولّيًا معه ترس، فقال له: ألقِ تُرسَك إلى مَن يقاتل، فألقى ترسَه، فأخذتُه، فجعلتُ أتترّس به عن رسول الله، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، لو كانوا رجّالةً مثلنا أصبناهم إن شاء الله، فأقبل رجل على فرس فضربني، وتترست له فلم يصنع سيفه شيئًا، وولّى، وضربتُ عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، يصيح: يابن عمارة، أمَّك أمَّك، قالت: فعاونني عليه حتى أوردتُه شعوب الموت.
وقال ابنها عبد الله بن زيد: جُرحتُ يومئذ جرحًا في عضدي اليسرى، ضربني رجل كأنه النخلة، ومضى عني، وجعل الدم لا يرقأ، فأقبلتْ أمي إليّ، ومعها عصائب قد أعدّتْها للجراح فربطتْ جرحي، والنبي واقف ينظر إليّ، ثم قالت: انهض بُنيّ فضارِبِ القوم. فجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: ومَن يطيقُ ما تطيقين يا أم عمارة؟!.
قالت: وأقبلَ الرجل الذي ضرب ابني، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: هذا ضارب ابنك.. قالت: فاعترضتُ له فضربتُ ساقه فَبَرَك.. فرأيتُ النبي، صلى الله عليه وسلم، يبتسم حتى بدت نواجذه، وقال: قد استقدْتِ يا أم عمارة (أي: قد أخذتِ ثأرك)، ثم أقبلنا عليه بالسلاح حتى أتينا على نفسه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي ظفّرك وأقرّ عينك من عدوّك، وأراك ثأرك بعينك".
قال عبد الله (ابنها): لما تفرّق الناس عن النبي، صلى الله عليه وسلم، دنوتُ منه أنا وأمي نذبُّ عنه، فقال: ابن أم عمارة؟ قلت: نعم.. قال: ارمِ.. فرميتُ بين يديه رجلًا من المشركين بحجر، وهو على فرس، فأصبت عين الفرس، حتى وقع هو وصاحبه، وجعلت أعلوه بالحجارة، والنبي، صلى الله عليه وسلم، ينظر ويبتسم. ونظر إلى جرح أمي على عاتقها، فقال: "أمَّك، أمك، اعصِبْ جرحها، بارك الله عليكم من أهل بيت".
قالت: ادعُ الله أن نرافقك في الجنة، فقال: "اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة".. فقالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا.
وقد قال عنها النبي، صلى الله عليه وسلم، في هذه الغزوة: "ما التفَتُّ يمينًا ولا شمالًا إلا وأنا أراها تقاتل دوني".
وأصيبت يومئذ بضعة عشر جرحًا، وبقيت سنة كاملة بعد ذلك تداوي جراحها، رضي الله عنها.
موقعة بني قريظة
وشاركت بعدئذ في موقعة بني قريظة، وفي الحديبية كانت، ضمن أربع نسوة خرجن معتمرات، قد شدّت سكينًا بوسطها حذرًا من غدر المشركين، وبايعت النبي، صلى الله عليه وسلم، بيعة الرضوان، فكانت من الذين رضي الله عنهم.
كما شهدت بعدئذ خيبر، وعمرة القضاء، وحنين. وفي حنين قتلتْ أحد فرسان المشركين من هوازن وأخذت سيفه.
أحاديث روتها نسيبة
روت عدة أحاديث عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وروى عنها ابنها عباد بن تميم بن زيد، والحارث بن عبد الله بن كعب، وعكرمة، وليلى مولاتهم.
روى حبيب بن زيد عن مولاة لهم يُقال لها "ليلى" عن جدته أم عمارة بنت كعب أن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل عليها فقدمت إليه طعامًا، فقال: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال: "إن الصائم إذا أُكل عنده صلت عليه الملائكة".
وعن أم عُمَارة الأنصارية أنها أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما أرى كلَّ شيءٍ إلا للرجال وما أرى النساء يُذكرنَ بشيءٍ؟ فنزلت هذه الآية: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات". (الأحزاب: 36).
في معركة اليمامة
قاتلت أم عمارة يوم اليمامة حتى أصيبت يدها، وجرحت يومئذ اثنتي عشرة جراحة.
عن أم سعد بنت سعد بن الربيع، قالت: رأيتُ نسيبة بنتُ كعب ويدها مقطوعة، فقلتُ لها: متى قُطعت يدُك؟ قالت: يومَ اليمامة، كنتُ مع الأنصار فانتهينا إلى حديقة، فاقتتلوا عليها ساعةً، حتى قال أبو دجانة الأنصاري، واسمه: سماك بن خرشة: احملوني على الترسة حتى تطرحوني عليهم فأشغلهم، فحملوه على الترسة وألقوه فيهم فقاتلهم حتى قتلوه، رحمه الله، قالت: فدخلتُ وأنا أريد عدو الله مسيلمة الكذاب فعرض إليَّ رجلٌ منهم فضربني فقطع يدي، فوالله ما عرجت عليها، ولم أزل حتى وقعت على الخبيث مقتولًا وابني يمسح سيفه بثيابه، فقلت له: أقتلته يا بني؟ قال: نعم يا أماه، فسجدت لله شكرًا.
قال: وابنها هو: عبد الله بن زيد بن عاصم.
قال عنها رسول الله
كان ضمرة بن سعيد المازني يحدث عن جدته، وكانت قد شهدت أحدًا تسقي الماء، قالت: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خيرٌ من مقام فلان وفلان".
وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها، حتى جُرحت ثلاثة عشر جرحا؛ وكانت تقول: إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها، وكان أعظم جراحها، فداوته سنة. ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى حمراء الأسد، فشدت عليها ثيابها، فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها ورحمها.
لما رجع رسول الله من الحمراء، ما وصل رسول الله إلى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني يسأل عنها فرجع إليه يخبره بسلامتها، فسر بذلك النبي، صلى الله عليه وسلم.
وعن عبد الله بن زيد، قال: جُرحت يومئذ جرحا، وجعل الدم لا يرقأ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: اعصب جرحك.. فتقبل أمي إلي، ومعها عصائب في حقوها؛ فربطت جرحي، والنبي، صلى الله عليه وسلم، واقف، فقال: انهض بني، فضارب القوم! وجعل يقول: من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة!.
فأقبل الذي ضرب ابني، فقال رسول الله: هذا ضارب ابنك. قالت: فأعترض له، فأضرب ساقه، فبرك، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى رأيت نواجذه، وقال: استقدت يا أم عمارة!.
ثم أقبلنا نعلُه (نعلوه) بالسلاح، حتى أتينا على نفسه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي ظفرك.
وعن موسى بن ضمرة بن سعيد، عن أبيه، قال: أتي عمر بن الخطاب بمروط فيها مرط جيد؛ فبعث به إلى أم عمارة.
استشهاد ابنيها
ابنها حبيب بن زيد بن عاصم هو الذي قطّعه مسيلمة، وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني، الذي حكى وضوء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، استشهد يوم الحرة، وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بسيفه.
أرسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ابنها حبيب إلى مسيلمة الكذاب الحنفي صاحب اليمامة، فكان مسيلمة إذا قال له: أتشهد أن محمدًا رسول الله قال: نعم، وإذا قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: أنا أصم لا أسمع، ففعل ذلك مرارًا، فقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا، فمات شهيدًا رضي الله عنه.
وعندما عرفت أم عمارة الخبر، قالت: "لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته".
بعد الرسول
كرمها أبو بكر الصدّيق، وكان يعودها بعد إصابتها. وفي زمن عمر بن الخطاب جيء بمروط (والمروط أكسية من صوف أو حرير، كان يؤتزر بها)، فكان فيها مرط جيد واسع، فقال بعضهم: إن هذا المرط لَثَمَنُهُ كذا وكذا، فلو أرسلتَ به إلى امرأة عبد الله بن عمر، وذلك عقب عرسها، فقال عمر: أبعثُ به إلى من هو أحقُّ به منها، أم عمارة نسيبة بنت كعب.
وفاتها
توفيت أم عمارة في خلافة عمر، رضي الله عنها، عام 13هـ، ودفنت في البقيع.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا