رئيس التحرير
عصام كامل

من الآيات القرآنية الجامعة (1)

 كتاب الله تعالى الكريم هو المنهج الإلهي الذي وضعه الله عز وجل دستورا ومنهجا للعباد، ذلك الكتاب الذي لاريب فيه، وهو مصدر الهدى والهداية لعباد الله تعالى المتقين.. يقول تعالى "الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ".. وهو الكتاب الذي أحكم الله سبحانه آياته وفصلها. يقول سبحانه "كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ".

 

وهو يدور حول العقائد وما يتعلق بالتوحيد والإيمان بالملائكة والكتب والرسالات السماوية، والرسل واليوم الآخر وقضاء الله تعالى.. ويدور حول العبادات وما يتعلق بها والمعاملات. والأوامر والنواهي الإلهية والحدود التي شرعها الله والأحكام التي قضى بها سبحانه وتعالى. 

 

ويدور أيضا حول الآيات والقصص القرآني للاتعاظ والاعتبار. وفي إشارة إلى تمام وإحكام آياته وكمالها يقول عز وجل "كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ". هذا وعندما ننظر إلى الآيات القرآنية التي جاءت بالأوامر والنواهي الإلهية نجد أنها تزيد عن الخمسمائة آية، ومعلوم أن المراد منها إستقامة حركة العباد في رحلة حياتهم الدنيوية وتأهيلهم لإقامة الخلافة في الأرض بالإضافة إلى سعادتهم بالآخرة ومقامهم في جنات الله تعالى. 

 

تعددت الآيات كما ذكرنا ثم جمعها الحق عز وجل وأشار إليها في آية واحدة وهي التي يقول تبارك وتعالى فيها "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ". ونحن من خلال هذا المقال ومقالات تالية سوف نُلقى الضوء على هذه الآية الجامعة بمشيئة الله تعالى وتوفيقه. 

 

ولنبدأ بالأمر الإلهي الأول وهو "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ". هذا الأمر من الأوامر المطلقة في معنى العدل وتحقيقه وليس كما يفهم البعض أن العدل قاصر على الحكم بين الناس كما أشار الحق سبحانه بقوله "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا".. 

 

بل المعنى أكبر وأطلق من ذلك وأعتقد أن أول ما يتعلق بإقامة العدل. هو عدل الإنسان في مملكته التي تقع مابين الروح وهي نفخة الرحمن وبين الجسد الترابي والنفس محل الغرائز والشهوات. فالإنسان مطالب بإقامة العدل بينهما.. بمعنى أن لا يُغلب جانب على جانب فكما أن للجسد أقوات وللنفس حظوظ وأهواء وشهوات. 

 

كذلك للروح والقلب غذاء وقوت من العبادة وأعمال الطاعات والذكر. فالإنسان مطالب أن يسعى على تقوية الروح والقلب، كما أنه يسعى لتقوية الجسد وتلبية غرائزه وشهواته. وأعتقد أن مكمن سر شقاء وتعاسة الكثير من البشر هو إهمال الجانب الروحي وتجاهل متطلباته والانغماس بالكلية في شهوات الجسد وحظوظ النفس. 

 

 

هذا والأصل في إقامة العدل وتحقيقه بكل معانيه. هو إقامة العدل في مملكة تكوين الإنسان أي بين الجانب الروحي والجانب المادي والغرائزي في المملكة.. عزيزي القارئ نستكمل الحديث بمشيئة الله تعالى في مقالات قادمة..

الجريدة الرسمية