رئيس التحرير
عصام كامل

من يضمن تمكين المواطن من الحق في الصحة؟!

نتمنى أن يتحقق على أرض الواقع ما قاله الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة بأن قانون تحويل المستشفيات ورفع كفاءة المنشآت الطبية وتطويرها يصب في صالح المواطن بالدرجة الأولى، ويهدف لتحسين الخدمات المقدمة للجمهور..

وإن كنت لا أدرى هل حصل هذا القانون قبل صدوره على توافق شعبي بعد نقاشات معمقة.. وكيف ستكون طبيعة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وكيف سيعامل المواطن الغلبان غير المشمول بمظلة التأمين الصحي؟ 

 

هل سيحصل على خدمات صحية وعلاجية بالمجان أم بمقابل مادي وعلى أي أساس سيجري تحديد المقابل المادي.. ومن سوف يحدده؛ أهي الحكومة أم القطاع الخاص الذي لا يلام إذا ما بحث عن الربح وجعله أولويته الأولى، فهو قطعا ليس جمعية خيرية للبر والإحسان لكنه بالأساس مشروع يستهدف الربح قبل أي شيء.. وهل يستوفي القانون الجديد الاستحقاقات الدستورية للصحة؟! 

 

وإذا نفضت وزارة الصحة يدها من إدارة المستشفيات الحكومية فماذا ستفعل.. هل تكتفي بالرقابة من بعيد لبعيد.. ومن يضمن تمكين المواطن لا سيما الفقير والمحتاج من حقه في الصحة؟!


وزير الصحة والسكان قال إن 70 مليون مواطن مدرجون في التغطية الصحية الخاصة بالتأمين الصحى وهذا شيء طيب لكن ينقصه أن يقول الوزير لنا وماذا عن بقية السكان في مصر؟! 

أقصد بقية المائة وعشرة ملايين مواطن.. هل هم من الأغنياء والقادرين، ومن ثم فلا خوف عليهم، ذلك أنهم يستطيعون بما أتاهم الله من فضله أن يحصلوا على ما يشاءون من علاج وخدمات بأموالهم.. أم أن في تلك البقية فقراء معدمين غير مشمولين بالتأمين الصحي الشامل.. فأين موقعهم من القانون الجديد؟!


ولم يقل لنا وزير الصحة أين الكوادر الطبية التي ستعمل في المستشفيات الحكومية التى جرى إسناد إدارتها للقطاع الخاص..أم أن الأخير سيتولى تدبير النقص الحاد في الأطباء والممرضين بعد هجرة كثيرين منهم للخارج نظرا للمناخ الطارد للكفاءات في المنظومة الصحية الحكومية؟


فإذا كان القانون المزمع تطبيقه هدفه تحسين جودة الخدمات واستمرار تدفقها في كل وقت فهل تأكدت الحكومة من سلامة التطبيق؛ بمعنى أنه كان ينبغى لها أن تتدرج في التطبيق تماما كما فعلت في منظومة التأمين الصحي الشامل الذي طبقته في بضع محافظات صغيرة لتتمكن من استدراك أي قصور عند التطبيق ثم تنتقل رويدا رويدا إلى التعميم على سائر محافظات الجمهورية.


وإذا كان العالم يتجه كما يقول وزير الصحة إلي دعم القطاع الخاص لتوفير الخدمات الصحية فهل استوفينا هنا الضوابط والشروط الحاكمة لمنظومة صحية تحقق العدالة والشفافية وتضمن تمكين المواطنين خصوصا الفقراء من حقهم في العلاج والكشف!

 


كنا نتمنى أن تمضى الحكومة في استكمال منظومة التأمين الصحي الشامل وتعميمها على محافظات الجمهورية كافة لتقديم الخدمات الطبية بمعايير موحدة في كل المستشفيات وضمان استدامة تلك الخدمات بدعم من القطاع الخاص الوطنى الرشيد الذي يدرك أن الطب رسالة وان العلاج حق لكل مريض.. وليس التعامل بمنطق الربح واقتناص الفرص واعتبار الطب مهنة هادفة للربح..

 فهذا يجعل الموطن وبالأخص الفقير في مهب الطمع والجشع والاستغلال وتجار الأزمات.. ويلغي دور الدولة التي ألزمها الدستور بتوفير استحقاقات ومخصصات مالية محددة خصوصا في مجال الصحة والتعليم.. فمن غير الصحة العفية والعقول النابهة فلا نهضة ولا دولة!

الجريدة الرسمية