الحكومة الجديدة وهموم المواطن
بدأ الوزراء الجدد في ممارسة مهامهم بعد أداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، وبصرف النظر عن أسماء الوزراء فإن الأهم من الأسماء هو السياسات التي سيتبناها هؤلاء الوزراء ونوابهم ومساعدوهم، بحسبان الوزير منصبا سياسيا بالأساس، والأهم تمكينهم بصلاحيات تساعدهم على الإنجاز، ثم متابعتهم وتفعيل مبادئ المساءلة، والمحاسبة عبر التوسع في الحوكمة والشفافية.
سؤالي للوزراء الجدد والقدامى: هل سألت نفسك ماذا ينتظر الناس من وزارتك خلال الفترة المقبلة.. وهل تملك حقا خارطة طريق تحقق للمواطن الراحة وتغسل همومه وتخفف متاعبه؟! هل جاءت المجموعة الاقتصادية بفكر مغاير لأسلافهم الذين غادروا مناصبهم منذ قليل، فكر ينهى أزمة الدولار وارتفاع الأسعار ويخفض الديون وأعباءها لأقل قدر ممكن حتى تتنفس ميزانية الدولة الصعداء بعد الذي عانته من صعوبات واختناقات.. وهل هناك نية حقيقية لوحدة الموازنة وتقليص دور الصناديق الخاصة؟!
المواطنون يتطلعون لتحسين معيشتهم عبر التركيز على مواجهة التضخم وضبط الأسعار، فهل ستتبنى الحكومة بتشكيلها الجديد سياسات جديدة لتعزيز الاقتصاد، وتقديم دعم حقيقي للقطاع الخاص القادر على توليد فرص العمل والتصدير للخارج.. هل تملك رؤية فعالة لجذب وتشجيع الاستثمارات الخارجية والمحلية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام؟!
وزيرا التعليم والصحة هما أكثر الوزراء اتصالا بملف بناء الإنسان المصري فهل في جعبتهما خارطة طريق لتحسين جودة التعليم والصحة وجعلهما ميسورين للطبقة الوسطى وما دونها، وإنهاء بعبع الثانوية العامة بكل ما تعنيه من معاناة وصدمة واستنزاف للطلاب والأسر المصرية؟
وهل لدى وزير الصحة الذي توسعت صلاحياته بعد أن أصبح نائبا لرئيس الوزراء خطة حقيقة لتوسيع خدمات الرعاية الصحية وخصوصا للفقراء، الذين لم يشهدوا في ولايته السابقة ما يطمئنهم أنهم أولوية في فكر الوزير وأجندته؟ وهل هناك إجراءات فعالة لتسريع استكمال مشروع التأمين الصحي الشامل الذي بات هو الأمل الحقيقي والمنقذ للمواطن الغلبان؟ وماذا عن أزمة الدواء ونقصانه في الصيدليات والارتفاع المستمر في أسعاره؟!
أما وزير الاتصالات فهل ينجح في كبح جماح شركات المحمول التي ساءت خدماتها تماما.. ولم يعد النت أيضا على المستوى المطلوب!
لا نريد تصريحات ووعودا وردية بل نريد خطوات ملموسة على الأرض وتجانسا وانسجاما بين الوزراء والمحافظين بعضهم بعضا، نريد مثلا أن يعقد وزيرا الكهرباء والبترول اجتماعا بحضور رئيس الوزراء ليتفقا على سيناريو التعامل مع أزمة انقطاع التيار لاستعادة الحياة الطبيعية والتخفيف عن الناس وليس تخفيف الأحمال!
المواطن يتطلع لرؤية واقعية تطمئنه على غده ومستقبل أولاده، في التعليم والتشغيل والصحة والسكن والأسعار وجودة الخدمات وكفاءة المرافق.. الناس لا يهمهم من سيكون وزيرا بقدر ما يهمهم ماذا سيفعل هذا الوزير لهم ليخفف عنهم معاناة أثقلت ظهورهم وجعلت حياتهم صعبة.
أتمنى للوزراء الجدد حظا أوفر من النجاح حتى لا يلقوا مصير من سبقوهم، وحتى لا يكون مصيرهم النسيان أو شماتة البعض وإن كنت أكره الشماتة ولا تروقني أفعال الشامتين! الحكومة الجديدة في امتحان صعب ويبقى رضا المواطن هو المعيار الأهم لنجاحها!