رئيس التحرير
عصام كامل

ليس كافيًا يا وزير التعليم!

قرار وزارة التربية والتعليم بمساءلة اللجنة المسئولة عن مراجعة أسئلة امتحان فيزياء الثانوية العامة (2024) قبل الطباعة بمثابة اعتراف بالخطأ، وتلك شجاعة تستحق التقدير، لكنها لا تعفى أصحابها من المسئولية، وربما لو حدث ذلك في دولة متقدمة -وهو ما لم ولن يحدث يقينًا- لإستقال وزير التعليم هناك على الفور.. 

وربما جرى حبس واضع الامتحان الذي بدد أحلام مئات الآلاف من الطلاب، الذين شعروا بأن حلمهم يتسرب من بين أيديهم نتيجة الاستهتار أو الرعونة في التعامل مع مسألة تتعلق بمستقبل جيل كامل يحبس أنفاسه انتظارًا لهذا اليوم!


للأسف إكتفت وزارة التربية والتعليم ببضعة قرارات ساوت بين من إجتهد ومن لم يجتهد، وربما استفاد منها طلاب غير أكفاء، وتضرر منها حتمًا طلاب متفوقون إجتهدوا وصبروا على منظومة تعليمية تركتهم فريسة للسناتر والدروس الخصوصية، التي تلتهم بلا رحمة أكثر دخول الأسر المصرية.. 

 

وتركتهم  لمستشاري مواد يرتكب بعضهم  أخطاء كارثية عبر وضع أسئلة إمتحان يراها بعض الطلاب تعجيزية لا طاقة لهم بها، ويراها بعضهم أنها تصلح لمسابقة أوائل الطلبة وليس لطلاب فيهم المتميز وفيهم المتوسط وفيهم ما دون ذلك..

 

غير عابئين بمستقبلهم ولا بحالاتهم النفسية التي تصل أحيانا لحد الانهيار العصبي داخل اللجان، وربما الوفاة بسكتة قلبية، ناهيك عن معاناة  آلاف الأسر استنزفتهم الثانوية العامة العقيمة، التي أظنها آفة تعليمنا وقد حان الوقت لاجتثاثها من جذورها؛ ذلك أنها بصورتها الراهنة تفتقد أدنى مقومات العدالة والكفاءة في قياس المهارات والقدرات الحقيقية للطلاب.


صحيح أن قرارات التربية والتعليم تنطوي على شجاعة الاعتراف بالخطأ، لكن إعطاء درجة كاملة في امتحان فيزياء الثانوية العامة (2024) لبضعة أسئلة وهى بالتحديد: السؤال رقم ٦ (نموذج أ) و٣٣ (نموذج أ) و٤٠ (نموذج أ)، واعتبار الإجابات (أ- د) للسؤال رقم ٢٠ (نموذج أ) و(أ- ب) للسؤال رقم ١٤(نموذج أ) صحيحة مع مراعاة ترتيب تلك الأسئلة في بقية النماذج..

 

كل ذلك على أهميته لا يكفي لتعويض الطلاب نفسيًا ولن يحقق العدالة كاملة بين الطالب المجتهد وغير المجتهد؛ ذلك أنه يساوى بينهما دون أدنى تفرقة، صحيح أنه يعالج خطأ وقع فيه واضع الامتحان لكنه أهدر مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص.


وإذا كان احتساب درجات تلك الأسئلة الخاطئة كاملة للطلاب فيه تعويض جزئي فماذا عن جبر الضرر المحقق الذي لحق بالطالب الذي أصابه التوتر وأضاع وقتًا كان يكفيه في حل بقية الأسئلة لو ركز فيها لكنه أهدر وقته وشتت ذهنه وأضاع عليه حلمه حين لم يستطع حل كل أسئلة الامتحان بالكفاءة المرجوة.

 

كنت أرجو لو أقدمت الوزارة على تعويض الطلاب بصورة حقيقية ومتكافئة فالعدل يستوجب أن يكون التعويض أكبر.. وهذا من السهل عمله في توزيع الدرجات على الأسئلة وقت التصحيح.. بحيث تأخذ الأسئلة التي كانت غلط درجة أعلى والأسئلة الصعبة درجة أقل.. وهذا يمكنه أن يحقق الحد الأدنى من العدل وتكافؤ الفرص بين الطلاب طالما فيه درجات أسئلة لا يقدر عليها إلا الطالب المجتهد.. وهكذا يمكن تعويض الطالب الذي ضاع وقته وجهده وتركيزه بلا ذنب بتعويض أكبر..

 

وبهذا يتم تمييز الطالب الذي يستحق التمييز دون أن يتأثر بما جرى من مهزلة أما أن تمنح الدرجات السبع كاملة لكل الطلاب من أجاد ومن أخفق فهذا ليس عدلًا يا وزير التعليم.. كما أن الإعلان عن نسبة النجاح في امتحان مادة الفيزياء فور الانتهاء من التصحيح الإلكتروني، حتى ولو كانت بنسب نجاح مرتفعة لا يعنى أن النتيجة جيدة فالنجاح ليس هدفًا في ذاته، بل النسبة المئوية هي الشغل الشاغل لكل من اجتهد وصبر وجاهد حتى يجتاز هذا البعبع المشئوم.

 


والسؤال: تُرى لو كان لواضع أسئلة الفيزياء أو زير التعليم إبن أو ابنة في الثانوية العامة هل كان يرضى بما حدث؟!

الجريدة الرسمية