رئيس التحرير
عصام كامل

سر شقاء البشر

سألني أحد المريدين عن سر شقاء وتعاسة البشر والصراع الدائم بينهم؟ فأجبته: سر شقاء وتعاسة البشر له أسباب كثيرة، الأصل فيها مخالفة منهج الله تعالى القويم وهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. وحب الدنيا وتعلق قلوبهم بها وهي رأس كل خطيئة. وإتباع أهواء النفوس والإنقياد خلف الأهواء والشهوات ونسيان الموت والحساب وتجاهل حقيقة الدنيا وهي دار الفتن ومحل الإبتلاء والشقاء. 

 

فضلا عن تعلق القلوب بها والاعتلال بحبها بعدما غاب عنهم أن حلالها حساب وحرامها عقاب. وأنها دار متقلبة لا أمان لها. تعطي اليوم وتأخذ غدا. نحيا فوق ظهرها اليوم وندفن في بطنها غدا. وأنها غنيمة الحمقى ومطمع الجهلاء. وأن خير ما فيها ترك ما فيها أي عدم تعلق القلب بشئ منها.

 

وأن من هوانها على الله تعالى أنه سبحانه منذ أن خلقها لم ينظر إليها ولم يزكيها كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: "لوكانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء". وأن مآلها إلى فناء. 

 

هذا ولقد ذكرها الله تعالى في أكثر من مائة وعشرون آية في كتابه الكريم.. عرفها لنا وحذرنا منها ونهانا عن التعلق بشئ منها وأخبرنا بأنها دار لهو ولعب وزينة، وأنها إلى فناء وأنها دار ممر ليست بدار مستقر وأنها مزرعة الآخرة وأنها دار عمل بلا حساب والآخرة دار حساب بغير عمل. ومن الآيات التي جاءت في ذكر الدنيا قوله عز وجل "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ". 

 

وقوله سبحانه "فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ". وقوله تعالى "تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا" وقوله عز وجل "أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ". 

 

وقوله تبارك في علاه "وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ". وقوله جل ثناؤه "فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ".. 

 

 

هذا ومن أسباب شقاء البشر وتعاستهم إتباع الشيطان وعبادته أى طاعته.. وقد غاب على كثير من البشر تحذير الحق سبحانه منه واخباره تعالى أنه هو العدو المبين. حيث يقول تعالى " أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ"، وقوله سبحانه وتعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ".. عزيزي القارئ نستكمل الحديث بمشيئة الله تعالى في مقال قادم.

الجريدة الرسمية