رئيس التحرير
عصام كامل

الجدل حول الدين والتدين (2)

توقفنا في المقال السابق عند عدة تساؤلات منها: هل الدين واحد أم هي عدة أديان؟ في الحقيقة تعددت مسميات الرسالات السماوية منذ أبينا آدم عليه السلام أبو البشر وأول الأنبياء إلى سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وتوحدت المضامين والفحوى والدين واحد وهو الإسلام. 

 

فهو الدين الذي إرتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده وتأكيدا لذلك يقول عز وجل “قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ”

 

 
هذا ومعنى الإسلام هو الإنقياد والإستسلام لله تعالى. فالمسلم من إستسلم لله تعالى وأسقط اختياره لإختيار ربه تعالى ومولاه. ومراده لمراده سبحانه وتعالى وإنقاد بالكلية لمنهج الله تعالى وهدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.  

 

وفي هذا المعنى يقول عز وجل وصفا لحال أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام "وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ"، 

"وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ". 


ويقول سبحانه وتعالى "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ"، وكلها تدعوا إلى الرحمة والاعتدال والعدل والوسطية والسماحة وإلى مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة، وتنهى عن البغي والعدوان والفحشاء والمنكر وكل ما يفسد الحياة ويعكر صفوها والدين واحد وهو الإسلام. يقول تعالى "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".


هذا ولقد كانت الرسالات السماوية التي سبقت الرسالة المحمدية الرسالة الخاتمة عبارة عن مقدمات للرسالة الخاتمة والتي خصها الله تعالى بإسم الدين الإسلام، والتي تحقق فيها ما لم يتحقق في الرسالات السماوية السابقة، فقد أكملها الله تعالى وأتمها وحقق فيها المعادلة بين متطلبات الجسد والنفس والروح وبين الشئون الدنيوية وما يتعلق بالحياة في الآخرة. ولقد كان من كمالها أنها لم تهمل أي جانب من جوانب الحياة ولا أي شأن من شئون الإنسان.

  
يقول عز وجل "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ". هذا والإسلام منهج حياة فهو دين ودنيا. ولقد حوى دين الإسلام كل الفضائل والمكارم والمحاسن والقيم الإنسانية النبيلة وأمر بها وحث عليها وأمر بعمارة الأرض والمحافظة على مظاهر الحياة عليها وإثراء الحياة فيها عليها.


هذا ولقد جمع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله كل ما تضمنته رسالة الإسلام في حديث واحد وهو الذي قال فيه "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". هذا وحقيقة الإسلام سلام وتسليم. سلام مع جميع الخلق يبدأ بسلام الإنسان مع نفسه على أثر استقامته وصلاحه وتقواه. وتسليم للخالق عز وجل فيما أمر ونهى وفيما قضى وقدر. 

 



هذا ودين الإسلام له مقاصد شرعية وهي التي من أجلها كانت تشريعات بكل ما حوته من أوامر ونواهي وتعاليم ونظم وكل ما يتعلق بالعبادات والمعاملات وحدود وأقضية قضى بها سبحانه وتعالى.. وللإسلام قواعد وأسس ومحاور يًقام عليها وهي العقائد والعبادات والمعاملات. 

الجريدة الرسمية