بعد فوات الأوان!
بعد هزيمة يونيو وجه الرئيس جمال عبدالناصر انتقادات حادة لنظامه وسياساته، خاصة ما يتعلق بإهمال المبدأ السادس لثورة يوليو الخاص بإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وواجه ناصر بهذه الانتقادات أعضاء حكومته التى شكلها ورأسها بعد الهزيمة وسجلتها محاضر اجتماعات الحكومة..
وأعلن ناصر عزمه إجراء مراجعة سياسية كبيرة تقضى إقامة حزب معارض قوى يراقب الحكومة ويتابع أداءها بالنقد.. لكنه إنشغل بإعادة بناء الجيش ولم يمهله القدر لإجراء هذه المراجعة السياسية وتصحيح الأوضاع السياسية.
وقبل أن يغتال الرئيس السادات اكتشف أنه أخطأ في إعادة الإخوان إلى الساحة السياسية المصرية واستخدامهم في ضرب الناصريين والسياسيين ووعد بإجراء مراجعة سياسية أيضا، لكنه أغتيل من قبل أحد التنظيمات التى اشتركت مع الإخوان في انتهاج التطرّف الدينى ولم يقم بتلك المراجعة المنشودة!
وهكذا جاء تفكير عبدالناصر ومن بعده السادات في إجراء مراجعة سياسية متأخرا أو بعد فوات الأوان.. وهذا يطرح سؤالا مهما وهو هل في إمكان أى حاكم إجراء مراجعة سياسية شاملة أو جذرية بنفسه أم أن الأمر صعب ولذلك تصير المراجعة السياسية في أى بلد مرهونة بتغيير في النظام السياسى؟
وبالطبع من الخطأ تقديم إجابة قاطعة على هذا السؤال، لأن كل حالة سياسية تختلف عن بقية الحالات الأخرى.. ولذلك تظل الإجابة مفتوحة على كل الاحتمالات، والمهم أن يدرك الحاكم الحاجة لإجراء المراجعة السياسية في وقت مناسب وليس بعد فوات الأوان، وعندما يدرك الحاجة لتلك المراجعة يكون لديه الإرادة والقدرة على إجرائها لأن أحدا لن يمهله وكذلك القدر!